هذه الحدود أن يحمي الفرد من الطغيان أو الظلم الخاص أو العام. فألغى المحاكم التي لا ضرورة لها. وقلل من الإجراءات القانونية وعجلها، وخفف العقوبات، وصعب الشروط اللازمة للتعيين في وظائف القضاء. وتقرر ألا ينفذ حكم بالإعدام إلا بتصديق الملك، وفتح للجميع باب الاستئناف أمام الملك. وقد اكتسب سمعة العدالة المحايدة، وسرعان ما اعترف الجميع للمحاكم البروسية بأنها أنزه وأكفأ المحاكم في أوربا (٢٨).
وفي ١٧٦٣ أصدر فردريك النظام التعليمي العام ليثبت ويوسع التعليم الإلزامي الذي أعلنه أبوه في ١٧١٦ - ١٧. فتقرر أن يذهب كل طفل في بروسيا من سن الخامسة إلى الرابعة عشرة إلى المدرسة. ومن صفات فردريك المميزة إسقاط اللاتينية من منهج التعليم الأولى، وتعيينه قدامى الجند معلمين، وجعله منظم التعليم يجري بتدريب أشبه بالتدريب العسكري (٢٩). وقد أضاف الملك:"من الخير أن يعلم المدرسون في الريف الأحداث الدين والأخلاق … وحسب أهل الريف أن يتعلموا القليل من القراءة والكتابة … ولا بد من تخطيط التعليم … بحيث يبقى عليهم في القرى ولا يؤثر عليهم ليهجروها"(٣٠).
وحظي تجديد البناء الاقتصادي بالأولوية في الوقت والمال. فبدأ فردريك باستخدام المال الذي جمع من قبل لحملة حربية أخرى-زالت الحاجة إليها الآن-في تمويل تعمير المدن والقرى وتوزيع الطعام على المجتمعات الجائعة، وتقديم البذور للزراعات الجديدة؛ ثم وزع على المزارع ستين ألف حصان أمكن توفيرها من الجيش. وبلغت جملة المبالغ التي أنفقت على أعمال الإغاثة العامة ٢٠. ٣٨٩. ٠٠٠ طالر (٣١). وأعفيت سيليزيا التي اجتاحتها الحرب من الضرائب ستة أشهر؛ وبنى فيها ثمانية آلاف بيت في ثلاث سنين، وقدم مصرف عقاري المال للفلاحين السيليزيين بشروط ميسرة. وأسست جمعيات للتسليف في مراكز شتى لتشجيع التوسع الزراعي. وصرفت مياه منطقة المستنقعات الممتدة على الأودر الأدنى، فهيأت أرضاً صالحة للزراعة لخمسين ألف رجل. وبعث المندوبون إلى الخارج لدعوة مهاجرين إلى بروسيا، فجاء منهم ٣٠٠. ٠٠٠ (٣٢).