البنات، وتكبح تهور الأولاد، وتعكف في كل لحظة من فراغها على نولها" (٤٤). وكانت الزوجة خاضعة لزوجها، ولكنها معبودة أبنائها. أما خارج البيت، إلا في قصور الأمراء، فكان الرجال عادة يقصون النساء عن حياتهم الاجتماعية، ومن ثم كان حديثهم ينحو إلى الإملال أو البذاءة. أما في قصور الأمراء فكان هناك كثير من النساء المثقفات المهذبات السلوك. ويرى إكرمان أن بعضهن "يكتبن بأسلوب رائع ويفقن في هذا كثيراً من أشهر مؤلفينا" (٤٥). وكان على نساء الطبقة العليا في ألمانيا، كما في فرنسا، أن يتعلمن الإغماء جزءاً من بضاعتهن، والاستعداد لذرف الدموع دليلاً على رقة شعورهن.
أما أخلاق البلاط فقد اقتدت بالمثل الفرنسية في الشراب والقمار والفسق والطلاق. تقول مدام دستال أن النبيلات من النساء كن يبدلن أزواجهن "في غير مشقة وكأنهن يرتبن أحداث تمثيلية"، وكن يفعلن هذا "بقليل من مرارة النفس" (٤٦). وضرب الأمراء المثل في السلوك اللا أخلاقي ببيع جنودهم للحكام الأجانب؛ وهكذا بنى حاكم هسي-كاسل قصراً أنيقاً، وأنفق على بلاط مترف، من حصيلة إتجاره في جنوده. وبلغ مجموع ما باعه الأمراء الألمان-أو ما "أقرضوه" على حد تعبيرهم-خلال الثورة الأمريكية ثلاثين ألف جندي لإنجلترة مقابل ٥٠٠. ٠٠٠ جنيه؛ ومن هؤلاء ١٢. ٥٠٠ لم يعودوا قط (٤٧). ولم يبد ألمان القرن الثامن عشر خارج بروسيا ميلاً يذكر للحرب وهم يتذكرون أهوال القرن السابع عشر. ويبدو أن "الخلق القومي" يمكن أن يطرأ عليه التغيير من قرن لآخر.
وكان الدين في ألمانيا أطوع للدولة منه في الأقطار الكاثوليكية. كان منقسماً إلى ملل ونحل، فحرم بذلك من حبر أعظم مرهوب ينسق عقيدته واستراتيجيته ودفاعه؛ وكان قادة الدين يعينهم الأمير، ودخل الدين يعتمد على مشيئته. وكان إيماناً قوياً في الطبقتين الوسطى والدنيا؛ ولم يتأثر بموجات الإلحاد التي تدفقت من إنجلترة وفرنسا غير النبلاء والمفكرين وبعض الأكليروس. وكان إقليم الراين أكثره من الكاثوليك، ولكن في هذا الإقليم بعينه شهدت هذه الحقبة قيام حركة تتحدى سلطة البابوات في جرأة.