وبيان ذلك أنه في ١٧٦٣ نشر يوهان نيكولاوس فون هونتايم، أسقف تريير المساعد، متخفياً وراء اسم مستعار هو يوستينوس فبرونيوس، رسالة باللاتينية في "حالة الكنيسة، وسلطة بابا روما الشرعية" وترجم الكتاب من اللاتينية إلى الألمانية والفرنسية والإيطالية والأسبانية والبرتغالية، وأحدث ضجة في جميع أرجاء غربي أوربا. وقد قبل "فبرونيوس" سيادة البابا، ولكن على أنها سيادة شرف وإدارة تنفيذية؛ فالبابا غير معصوم، وينبغي أن يتاح استئناف قراراته أمام مجمع عام تكون له السلطة التشريعية النهائية في الكنيسة. وكان المؤلف سيء الظن بالتأثير المحافظ المستور للبلاط البابوي (الكيوريا)، -وألمع إلى أن التركيز المفرط للسلطة الكنسية تمخض عن حركة الإصلاح البروتستنتي؛ وقد تيسر اللامركزية رجوع البروتستنت إلى أحضان الكنيسة الكاثوليكية. وفي مسائل القانون البشري، لا الإلهي، يحق للأمراء العلمانيين أن يرفضوا طاعة البابوية، ولهم-إن لزم الأمر-حتى فصل كنائسهم القومية عن روما. وأدان البابا الكتاب (فبراير ١٧٦٤)، ولكنه أصبح كتاب "صلاة للحكومات"(٤٨) وقد رأينا تأثيره على يوزف الثاني.
ومال رؤساء أساقفة كولون وتريير وماينز وسالزبورج لآراء "فبرونيوس"، فقد رغبوا في الاستقلال عن البابا استقلال الإمارات الأخرى عن الإمبراطور. وعليه ففي ٢٥ سبتمبر ١٧٨٦ أصدروا "بيان إيمس التمهيدي"(قرب كوبلنتز) الذي كان خليقاً بإحداث حركة إصلاح بروتستنتي جديدة لو أخرج إلى حيز التنفيذ:
"إن البابا أعلى سلطة في الكنيسة وسيظل أعلى سلطة فيها … ولكن الامتيازات (البابوية) التي لا تنحدر عن القرون المسيحية الأولى بل هي مبنية على المراسيم الإيزادورية الباطلة، والتي تنتقص من قدر الأساقفة … لم يعد في الإمكان أن تعد قانونية، فهي تنتمي إلى اغتصابات الكيوريا الرومانية؛ وللأساقفة الحق (ما دامت الاحتجاجات السلمية لا تجدي) في صيانة حقوقهم الشرعية تحت حماية الإمبراطور الألماني-الروماني.