ومناقضة هذه الآراء التي لا أساس لها، هو والهدف الرئيسي للملاحظات التالية" (٦٨). ولكن سرعان ما نسي ليسنج هذا الهدف، وتاه في نقاش مستفيض لكتاب فنكلمان في تاريخ الفن. هنا كانت تعوزه الخبرة والكفاية، وكان لتمجيده الجمال المثالي باعتباره هدف الفن أثر معطل على التصوير الألماني. ثم أنه خلط بين التصوير والنحت، وطبق عليهما جميعاً المعايير الخاصة بالنحت في المقام الأول. وبهذا شجع شكلية أنطون رفائيل منجز الجامدة. بيد أن أثره على الشعر الألماني كان بركة؛ فقد حرره من الأوصاف المسهبة، والنزعة الوعظية المدرسية، والتفصيل الممل، وأرشده إلى الحركة والشعور. وقد أقر جوته شاكراً بالتأثير المحرر لكتاب ليسنج "لاوكون".
ووجد ليسنج نفسه أكثر تمكناً من عمله حين انتقل (أبريل ١٧٦٧) إلى همبورج كاتباً وناقداً مسرحياً براتب قدره ثمانمائة طالر في العام. وهناك أخرج تمثيليته الجديدة. "منافون بارنهيلم". وبطل التمثيلية-الميجر ثلهايم-العائد من الحرب بأكاليل الغار إلى أملاكه يظفر بخطبة منا الحسناء الغنية. غير أن الحظ الذي قلب له ظهر المجن، والدسائس المعادية التي لاحقته، يهويان به إلى درك الفقر، فينسحب من الخطبة لأنه لم يعد الزوج الصالح لوريثة ثروة ضخمة. ويختفي، ولكنها تطارده وتتوسل إليه أن يتزوجها، فيرفض. وإذ تدرك السبب تدبر خدعة تبيت بها معدمة ولكن في صورة جذابة؛ ويعرض الميجر الآن نفسه زوجاً لها ويدخل رسولان فجأة يعلنان كل من ناحية أن منا وتلهايم قد استردا ثروتهما. ويبتهج الجميع، وحتى الخدم يدفعون على عجل إلى الزواج. والحوار مبرح، والشخوص بعيدة التصديق، والحبكة منافية للعقل-ولكن كل الحبكات تقريباً منافية للعقل.
وفي اليوم الذي شهد افتتاح المسرح القومي بهمبورج (٢٢ أبريل ١٧٦٧) أصدر ليسنج نشرة قدم بها لمقالاته في نظرية الدراما وقد علقت هذه المقالات دورياً، طوال العامين التاليين، على التمثيليات التي أخرجت في ألمانيا، وعلى نظرية الدراما في أعمال الفلاسفة. وقد اتفق مع أرسطو على القول بأن الدراما أسمى أنواع الشعر، وقبل في تناقض مندفع القواعد التي وضعها أرسطو في كتابه "في الشعر":