نسخة معدلة أعدها شيلر وجوته قبولاً حسناً في فايمار، وبعدها ظلت من التمثيليات المحببة في المسارح الألمانية طوال قرن كامل.
وقبل أن يموت ليسنج بعام أصدر نداءه الأخير للتفاهم، وصاغه في عبارات دينية، كأنما أراد أن يلين جانب المقاومة ويقيم جسراً بين الأفكار القديمة والجديدة. وهذا المقال المسمى "تربية النوع الإنساني" من بعض نواحيه يبرر الأفكار القديمة؛ ثم ندرك أن الدفاع إنما هو دعوة لحركة التنوير. فالتاريخ بجملته يمكن أن ينظر إليه على أنه رؤيا مقدسة، وتربية تدريجية للنوع الإنساني. وكل دين عظيم كان مرحلة في هذه الإنارة المتدرجة الخطوات، فهو ليس كما افترض بعض الفرنسيين خدعة يخدع بها رجال الدين الأنانيون السذج من الناس، إنما هو نظرية عالمية قصد بها تمدين البشرية، وغرس الفضيلة والتهذيب والوحدة الاجتماعية. ففي إحدى مراحله (مرحلة العهد القديم) حاول الدين جعل الناس فضلاء بأن وعدهم بطيبات الدنيا ف عمر مديد؛ وفي مرحلة أخرى (مرحلة العهد الجديد) حاول التغلب على التناقض المثبط للعزائم بين الفضيلة والنجاح في هذه الدنيا بوعده بثواب الآخرة؛ وفي كلتا الحالتين خوطب الناس على قدر فهمهم المحدود في ذلك الوقت. وكل دين فيه نواة غالية من الحقيقة، ربما كان الفضل في تقبل الناس لها ذلك الغلاف من الخطأ الذي جعلها سائغة. فإذا كان اللاهوتيون قد أحاطوا المعتقدات الأساسية شيئاً فشيئاً بعقائد عسيرة الفهم، كالخطيئة الأصلية والتثليث، فإن هذه التعاليم أيضاً هي رموز للحقيقة وأدوات للتربية. فالله يمكن تصوره على أنه قوة واحدة لها وجوه ومعان كثيرة؛ والخطيئة أصلية بمعنى أننا كلنا مولودون بنزوع لمقاومة الشرائع الأخلاقية والاجتماعية (٧٧). ولكن المسيحية فوق الطبيعة ليست سوى خطوة في تطور العقل البشري، وستأتي مرحلة أعلى حين يتعلم النوع الإنساني أن يعقل، وحين يصبح الناس من القوة ووضوح الرؤية بحيث يفعلون الصواب لأنهم يرونه صواباً ومعقولاً، لا طمعاً في ثواب مادي أو سماوي. وقد بلغ بعض الأفراد تلك المرحلة، وهي لم تتوفر للنوع الإنساني إلى الآن ولكنها "آتية، آتية لا ريب فيها … زمان رسالة جديدة خالدة! "(٧٨) وكما أن