وقد ولط كلوبشتوك في ١٧٢٤ قبل مولد ليسنج بخمش سنين، وعاش اثنين وعشرين سنة بعده. وقد أصبح ليسنج رجلاً حر الفكر وهو ابن القسيس، أما كلوبشتوك ابن المحامي فقد اتخذ من نظم ملحمة شعرية عن حياة المسيح أهم رسالة لحياته. وبلغ من تحمسه الشديد لموضوعه أنه نشر الأقسام الثلاثة الأولى من الملحمة وهو لا يزال فتى في الرابعة والعشرين. وقد فتنت هذه الأبيات السداسية التفاعيل، غير المقفاة، جمهوراً من القراء بلغ من عرفانهم أنهم أرسلوا الرسائل من جميع أرجاء ألمانيا لابنة عمه حين تقدم لخطبتها بعد سنة يناشدونها أن تقبل الخطبة، ولكنها رفضتها. بيد أن فردريك الخامس ملك للدنمرك-استجابة لتوصية وزيره يوهان فون برنشتورف-دعا كلوبشتوك للحضور والإقامة في البلاط الدنمركي وإكمال ملحمته نظير أربعمائة طالر في العام. وفي طريق الشاعر إلى كوبنهاجن راقته إحدى المعجبات الدنمركيات، واسمها مارجريتا مولر؛ وفي ١٧٥٤ تزوجها، وفي ١٧٥٨ ماتت فحطمت قلبه وأظلمت شعره. وقد خلد ذكراها في القسم الخامس عشر من "المسيا" وفي بعض من أعمق قصائده الشعبية تأثيراً. وأقام في كوبنهاجن عشرين سنة، ثم ذهبت حظوته عند الملك بعد طرد برنشتورف، فعاد إلى همبورج، وفي ١٧٧٣ نشر آخر أجزاء ملحمته الضخمة.
وكان مطلعها دعاء هو صدى لملتن، ثم روت في عشرين قسماً القصة المقدسة، ابتداءً من تأملات المسيح على جبل الزيتون وانتهاء بصعوده إلى السماء. وبعد أن أنفق كلوبشتوك في كتابة ملحمته وقتاً قارب ما أنفقه المسيح لكي يعيشها، اختتمها بتسبحة تفيض حمداً وشكراً لله: