ورحبت ألمانيا السنية الإيمان بملحمة "المسيا" كأفضل شعر كتب إلى يومها بالألمانية. وينبئنا جوته عن مستشار في فرانكفورت كان يقرأ الأقسام العشرة الأولى "كل سنة في أسبوع الآلام، وبهذه الطريقة، ينعش روحه طوال العام". أما جوته فلم يكن يستطيع الاستمتاع بالملحمة إلا بنبذ شروط معينة لا تتخلى عنها ثقافة تسير قدماً إلا على مضض (٨٤). وقد سكب كلوبشتوك ورعه بغزارة في شعره حتى أصبحت قصيدته سلسلة متعاقبة من الغنائيات والكوراليات الباخية أكثر منها الرواية المتدفقة التي يجب أن تكونها الملحمة؛ وليس من اليسير علينا أن نتتبع تحليقاً عاطفياً استغرق عشرين قسماً وخمسة وعشرين سنة.
وكما أن فولتير ولد نقيضه في روسو، كذلك جعل ليسنج بارتيابيته، وعقلانيته، ونزعته الفكرية، ألمانيا تشعر بحاجتها إلى كتاب يدركون مقابل هذا مكان وحقوق الوجدان، والعاطفة، والخيال، والغموض، والرومانس، والعنصر فوق الطبيعي في حياة البشر.
وقد أصبحت عبادة "الحساسية" عند بعض ألمان هذه الفترة، لا سيما النساء منهم، ديناً كما أصبحت موضة. وكان في دارمشتات "حلقة لذوي الحساسية" جعل أعضاؤها من العاطفة والتعبير الوجداني مبدأ وشعيرة. وكان روسو هو "مسيا" هذه النفوس. وفاق تأثيره في ألمانيا تأثير فولتير بمراحل؛ واعترف به هردر وشيلر ينبوعاً للإلهام؛ وكان كتاب كانط "نقد العقل العلمي" مشرباً بروسو، أما جوته