فقد بدأ بروسو "الشعور هو كل شيء" وانتقل إلى فولتير "فكر في أن تحيا"، ثم انتهى إلى ضرب رأسيهما بعضهما ببعض. وجاء في غضون ذلك شعراء الوجدان من إنجلترة: جيمس طومسون، ووليم كولنز، وإدورد ينج، وقصاصاً الوجدان رتشردسن وستيرن. وقد أثارت مختارات توماس برسي من روائع الشعر الإنجليزي القديم، وديوان مكفرسن (من الشعر المنثور الذي زعم أنه ترجمة لشعر "أوسيان" من مخطوطات غالية قديمة) الاهتمام بشعر العصر الوسيط وغموضه ورومانسيته؛ وبعث كلوبشتوك وهاينريش فون جرستنبرج إلى الحياة فيثولوجية اسكندناوة وألمانيا السابقة للمسيحية.
وكان يوهان جيورج هامان، قبل عام ١٧٨١، قائد الثورة على العقل. ولد مثل كانط في مدينة كونجزبرج الغائمة السماء، وأشربه أبوه الوجدان الديني بشدة، وتلقى علومه في الجامعة، ثم كافح وهو فقير واشتغل معلماً خاصاً، ووجد عزاءه في إيمان بروتستنتي يثبت لكل لطمات حركة التنوير. وكان يقول أن العقل ليس إلا جزءاً من الإنسان، حيث التطور وليس أساسياً؛ أما الغريزة، والحدس، والوجدان، فهي أعمق منه، والفلسفة الحقة تقيم نفسها على طبيعة الإنسان وجوانبها كلها. واللغة ليست في أصلها حصيلة للعقل بل منحة من الله للتعبير عن الوجدان. والشعر أعمق من النثر. والأدب العظيم لا يكتب بمعرفة القواعد والأسباب ومراعاتها، بل بتلك الخاصية التي لا يمكن تعريفها وهي العبقرية التي تتجاوز كل القواعد مهتدية بالوجدان.
ووافق فريدريش ياكوبي هامان وروسو. وقال أن فلسفة سبينوزا منطقية جداً إذا كنت تقبل المنطق، ولكنها زائفة لأن المنطق لا ينفذ أبداً إلى قلب الحقيقة، التي لا تتكشف إلا للوجدان والإيمان. فوجود الله لا يمكن إثباته بالعقل، ولكن الوجدان يعرف أنه بدون الإيمان بالله تكون حياة الإنسان عبثاً مأساوياً يائساً.
بهذا التمجيد للوجدان والشعر شحنت الروح التيوتونية لتطلق تحليقات