وحذلفة العلماء وغرورهم-كل أولئك أثار سخط شباب الألمان الواعين بقدراتهم المغموطين مكانتهم. وقد أصاخوا السمع لصيحة روسو طلباً للطبيعية والحرية، ولكنهم لم يعبأوا بتمجيده "للإرادة العامة" ووافقوه على رفض المادية، والعقلانية، والحتمية، ووافقوا ليسنج على تفضيل انحرافات شكسبير القوية عن القواعد، على كلاسيكية كورنبي وراسين المقيدة للحركة. وأساءوا ذكاء فولتير وظرفه، ولكن المكان الذي اجتازه تراءى لهم صحراء جرداء. وقد طربوا لتمرد المستعمرات الأمريكية على إنجلترة. كتب جوته وهو يستعيد ذكرى هذه الحقبة "تمنيناً للأمريكيين النجاح كله، وبدأ اسما فرانكلين وواشنطن يسطعان ويتألقان في سماء السياسة والحرب"(٨٧). هؤلاء المتمردون المجاهدون أحسوا نشوة المراهقة الجسمية واليقظة العقلية، وشكوا من كابوس الشيوخ على الشباب، والدولة على النفوس. كانوا مع الأصالة، والتجربة المباشرة والتعبير الطليق، واعتقد بعضهم أن عبقريتهم تعفيهم من القانون. وأحسوا أن الزمن في صفهم، وأن المستقبل القريب سيشهد انتصارهم. يقول جوته "أوه، لقد كانت حقبة سعيدة حين كنت أنا وميرك شابين! "(٨٨).
وأعرب بعض هؤلاء المتمردين عن فلسفتهم بتحدي تقاليد الزي وإحلال تقاليد من عندهم محلها، فكان كرستوف كاوفمان يسير عاري الرأس، مشعث الشعر، مفتوح القميص حتى السرة (٨٩). ولكن هذا كان حالة شاذة، وإذا استثنينا حالة انتحار أو حالتين، فإن أكثر أبطال الحركة اجتنبوا هذا العرض المقلوب لزيهم. وكان بعضهم ميسوراً. وكان جوته نفسه واحداً من أسلاف الزوبعية بمسرحيته جوتز فون برليشنجن (١٧٧٣)، وفي السنة التالية أصبحت قصته "آلام فرتر" لواء الرومانتيكية الخفاق. وانضم شيلر إلى الحركة فأصدر "اللصوص"(١٧٨١)، ولكن هذه النفوس المعقدة، المتطورة، سرعان ما تركت الحملة ليضطلع بها شباب أكثر التهاباً وأضعف جذوراً.