وكان يوهان ميرك أحد الآباء المؤسسين للحركة وكل الشواهد تدل على أنه كان سليم العقل قوي البدن، وكان قد أتم دراسته بالجامعة، وأصبح شخصاً أثيراً في بلاط هسي-دار مشتات، ثم عين رئيساً عاماً لصيارفة الجيش، واشتهر بالذكاء الحاد والكفاءة العملية. وحين التقى به جوته في ١٧٧١ وقع من نفسه موقعاً حسناً، فاشترك معه ومع هردر في تمويل مجلة نقدية تسمى "أنباء فرانكفورت الأدبية"، ومن هنا لقب "الفرانكفورتيين"(٩٠) الذي أطلق أول الأمر على المتمردين. وإذ كان ميرك خبيراً بدنياً الأعمال والسياسة، ورحالة جاب أرجاء ألمانيا وتنقل في أنحاء روسيا، فقد شهد وانتقد انتقاداً لاذعاً غرور الغنى، وملل العيش في قصور الملوك والأمراء، واستغلال الفلاحين. فلما ألفى نفسه عاجزاً عن إصلاح هذه الأحوال، بات متألماً ساخراً. وقد سماه جوته "مفستوفيليس ميرك"، واتخذ من نفسه ومن ميرك نماذج الأدوار الأبطال في فاوست. واضطرب عقل ميرك لهزائمه في عمله وتعاسته مع زواجه. ووقع في حبائل الدين، فأنقذه منها دوق ساكسي-فايمار استجابة لرجاء جوته. ثم بات فريسة لاكتئاب لا يبرحه، وقتل نفسه وهو لا يزال في الخمسين (١٧٩١).
وأكثر مأساة حتى من هذه الحياة كانت حياة راينهولد لنتس. وكان ابناً لراعي كنيسة لوثري في ليفونيا، أثر في أعصابه الضعيفة، ومزاجه السريع الإثارة، في طفولته التأكيد على عقيدتي الخطيئة والجحيم (٩١). وأعانه حين استماعه إلى محاضرات كانط في كونجزبرج؛ وقاده كانط إلى كتابات روسو، فقال لنتس بعد قليل عن "هلويز الجديدة" إنها خير كتاب طبع إطلاقاً في فرنسا. وفي ستراسبورج التقى بجوته، فبهرته شخصية الإيجابية، وقلده في الفكر والأسلوب، وكتب أشعاراً غنائية أشبهت أشعار جوته إلى حد أنها ضمنت في بعض طبعات أعمال جوته. ثم مضى إلى زيزنهايم، ووقع (بعد جوته) في غرام فردريكه بريون، ونظم القصائد الحارة في مديحها. وأمد لها أنها إن لن تستجب لحبه فهو قاتل نفسه، فلم تفعل ولم يفعل. ثم انتقل إلى فايمار، وصادقه جوته، وحيد جوته على نجاحه، وسخر من علاقة جوته بشارلوته فون شتاين، وطلب إليه الدوق أن يرحل