للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تيوتوني في عصره. فهو لم يقنع بحكم مملكته وأوركستراه، بل حسد قلم فولتير وتاقت نفسه إلى الظفر بالثناء عليه شاعراً ومؤرخاً. وقد خلف للأجيال التالية ثلاثين مجلداً من كتاباته: سبعة في التاريخ، وستة في الشعر، وثلاثة في الأبحاث العسكرية، واثنين في الفلسفة، واثني عشر في الرسائل، كلها بالفرنسية. أما أشعاره فأكثرها من النوع العابر سريع الزوال، ولم يعد القراء يذكرونها. ولكنه كان من كبار المؤرخين في جيله. ففي بواكير ملكه كتب تاريخ أسلافه-"مذكرات في تاريخ أسرةبراندنبورج" (١٧٥١). وقد زعم لنفسه الحياد كما يزعم أكثر المؤرخين: "لقد ارتفعت فوق كل الأهواء والميول، ونظرت إلى الأمراء والملاك والأقرباء نظري إلى أناس عاديين"، (١١١) ولكنه ارتفع إلى ذروة الحماسة والنشوة وهو يصف الناخب الأكبر فردريك وليم.

أما رائعته الأدبية فهي "تاريخ عصري" الذي سجل حكمه. وقد بدأه عقب انتهاء الحرب السيليزية الأولى (١٧٤٠ - ٤٢)، وواصل كتابته على فترات حتى أخريات عمره. وقد ضمنه تاريخ العلم والفلسفة والأدب والفن، ربما متأثراً بفولتير-وإن كان قد كتب جانباً كبيراً من هذا الكتاب قبل أن يظهر كتاب فولتير "قرن لويس الرابع عشر" و "مقاله في الأعراف" وقد اعتذر عن تضييعه حيزاً في كتابه على "بلهاء يلبسون الأرجوان، ودجاجلة يحملون التيجان … أما تتبع الكشف عن الحقائق الجديدة، وتفهم أسباب التغيير في الأخلاق والعادات، ودراسة الطرق التي قشعت بفضلها ظلمة الهمجية من عقول الناس-فهذه بالتأكيد موضوعات جديرة بأن تشغل جيع المفكرين". (١١٢) وقد أثنى على هوبز ولوك والمؤلهة في إنجلترة، وعلى توماسيوس وفولف في ألمانيا، وفونتينيل وفولتير في فرنسا. "هؤلاء العظماء وتلامذتهم كالوا للدين ضربة قاضية. وبدأ الناس يمحصون ما كانوا يعبدونه بغباوة، وأطاح العقل بالخرافة … وكسبت الربوبية أتباعاً كثيرين، وهي العبادة البسيطة للكائن الأعظم". (١١٣) وإذ كان فردريك يحتقر الحكومة الفرنسية ويحب الأدب الفرنسية، فإنه فضل ملحمة فولتير "الهنريادة" على الألياذة، وفضل راسين على سوفوكليس وسوى بين بوالو وهوراس،