فلهلم الثاني-صالحاً لوراثة الحكم. كتب إليه يقول "إنني أشقى من أجلك ولكن على أن أفكر في الاحتفاظ بما أصنع، فإن كنت كسولاً خاملاً ذاب في يديك كل ما جمعته بالجهد والمشقة"(١٢٤). وفي ١٧٢٨ كتب وقد ازداد تشاؤماً "لو أن ابن أخي لان وتراخى بعد موتي، لما بقي شيء اسمه بروسيا في ظرف عامين"(١٢٥). وقد تحققت النبوءة في فيينا عام ١٨٠٦، لا لأن فردريك وليم الثاني كان رخواً ليناً، بل لأن نابليون كان صلباً قاسياً.
وقد بات فردريك ذاته في عقدة الأخير قاسياً إلى حد لا يحتمل. فاختزل قدراً كبيراً من الحرية التي سمح بها للصحافة قبل ١٧٥٦. كتب ليسنج إلى نيقولاي في ١٧٦٩ يقول "إن حريتكم البرلينية تتقلص .. إلى حرية جلب ما تشاءون جلبه إلى السوق من سخافات ضد الدين … ولكن لريفع إنسان صوته نيابة عن الرعايا، وضد الاستغلال والاستبداد … وعندها ستتبين سريعاً أي دول أوربا أكثرها اليوم عبودية وذلاً". (١٢٦) وكره هردر وطنه بروسيا، وانصرف فنكلمان في "رعب" عن ذلك "البلد المستبد"(١٢٧). وحين زار جوته برلين في ١٧٧٨ أدهشته عدم شعبية الملك. ومع ذلك كان الشعب يبجل فردريك شيخاً لم يضن طوال خمسة وأربعين عاماً بيوم واحد في سبيل خدمة الدولة.
وقد برته الحرب كما براه السلم. وكثرت واشتدت عليه نوبات النقرس والربو، والمغص والبواسير، وزادت أوجاعه حدة لولعه بالوجبات الثقيلة والأطعمة الحريفة. وفي ٢٢ - ٢٥ أغسطس ١٧٧٨ استعرض جيشه السيليزي قرب برزلاوز وفي اليوم الرابع والعشرين ظل على صهوة جواده ست ساعات بردائه العسكري العادي والمطر يهطل غزيراً، وعاد إلى مسكنه مبللاً يرتعد من البرد. ولم يستعد عافيته بعدها قط. وفي يونيو ١٧٨٦ أرسل في طلب الدكتور تسمرمان من هانوفر. وتوقف عن تعاطي العقاقير التي وصفت له، وآثر الأحاديثالمرحلة عن الأدب والتاريخ، ولكي يلزمه تسمرمان الهدوء وصف له كتاب جبون "اضمحلال الإمبراطورية الرومانية