وقد حاول مرتين (١٧٥٢ و١٧٦٨) في "وصية أخيرة" أن ينقل لورثته بعض الدروس المستفادة من تجربته الخاصة. فحثهم على دراسة أهداف الدولة المختلفة ومواردها، والوسائل المتاحة لحماية بروسيا وتنميتها. وحذا حذو أبيه في تأكيده على الحاجة لأحكام ضبط الجيش، وحذر خلفاءه من الإنفاق فوق ما يسمح به الدخل؛ وتنبأ بالمتاعب السياسية التي ستحيق بفرنسا لسفهها المالي؛ ونصح بزيادة الإيرادات لا بفرض ضرائب جديدة بل بحفز إنتاجية الاقتصاد. وينبغي حماية كل الأديان ما التزمت الهدوء والسلام-رغم أن "جميع الأديان إذا فحصها المرء وجدها ترتكز على نسق من الخرافة غير معقول قليلاً أو كثيراً (١١٩). أما سلطة الملك فيجب أن تكون مطلقة، ولكن على الملك أن يعد نفسه أول خادم للدولة. وما دامت بروسيا في خطر من صغر حجمها وسط دول كبيرة كروسيا وفرنسا والإمبراطورية النمساوية المجرية، فإن من واجب الملك أن يغتنم أي فرصة ليوسع بروسيا ويوحدها-ويحسن أن يكون ذلك بفتح سكسونيا وبروسيا البولندية وبومرانيا السويدية: "أن أول شغل شاغل للأمير هو أن يصون سلطته، أما الثاني فهو أن يوسع رقعته. وهذا يقتضي المرونة وسعة الحيلة … وستر المطامع الخفية يكون بإعلان الميول السلمية حتى تأتي اللحظة المواتية. تلك طريقة جميع رجال الدولة العظماء" (١٢٠).
وينبغي أن يعد الملك خلفه للحكم، فيهيئ له التعليم على يد رجال مستنيرين لا رجال كنسيين، لأن هؤلاء يشحنون رأسه بخزعبلات يقصد بها أن يكون أداة طيعة في يد الكنيسة (١٢١). وتعليم كهذا من شأنه أن يخرج عقلاً ضعيفاً سرعان ما تسحقه مسئوليات الدولة. "ذلك ما رأيته، وإذا استثنيت ملكة المجر (ماريا تريزا) وملك سردينيا (شارل إيمانويل)، فإن كان ملوك أوربا ليسوا سوى بلهاء مشهورين" (١٢٢). وقد كتب هذا واليزابث تحكم روسيا. وكانت "وصية" ١٧٦٨ أكثر تأدباً، لأن كاترين كانت قد أثبتت علو همتها، وتنبأ فردريك الآن بأن روسيا ستكون أخطر دولة في أوربا (١٢٣).
فلما شاخ بدأ يسائل نفسه إن كان ابن أخيه ووريثه المحتمل-فردريك