للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشاب الوسيم، يقاوم محاولة إحدى كاهنات دلفي لإغوائه، وبدلاً من ذلك يشعر نحو العذراء الساذجة "بسوخي" (النفس) يجب نقي وإن كان مشوباً. ويدخل عالم السياسة، فيشمئز من تعصب الأحزاب، ويندد بالناخبين لافتقارهم بالناخبين لافتقارهم إلى المبدأ، ثم ينفى من أثينا. وفيما هو يهيم فيجبال اليونان يقع على لفيف من النسوة التراقيات يحتفلن بعيد باخوس برقصات شهوانية عنيفة؛ فيحسبنه باخوس، ويكدن يخنقنه بعناقهن، ثم تنقذه عصابة من القراصنة، تبيعه عبداً في أزمير لهبياس، وهو أحد سوفساطي القرن الخامس ق. م. ويشرح فيلاند فلسفة السوفسطائيين في سخط فيقول:

"إن الحكمة التي جعل منها السوفسطائيون مهنة لهم كانت من حيث الكيف كما كانت من حيث الأثر النقيض للحكمة التي جهر بها سقراط. فالسوفسطائيون علموا فن إثارة أهواء الرجال (بالخطابة)؛ بينما غرس سقراط فن سيطرة الإنسان على أهوائه. وقد بينوا كيف يظهر الإنسان أمام الناس حكيماً فاضلاً، أما هو فقد بين كيف يكون الإنسان كذلك. وهم شجعوا شباب أثينا على محاولة السيطرة على الدولة، أما هو فبين لهم أنهم سينفقون نصف عمرهم ليتعلموا كيف يحكمون ذواتهم. وكانت فلسفة سقراط تفخر بالحياة مجردة من الغنى، أما فلسفة السوفسطائيين فكانت تعرف كيف تحقق الغنى. كانت كيسة، خلابة، متقلبة، مجدت العظماء … وعبثت بالنساء، وتملقت كل شخص ينقدها ثمن التملق. كانت فيكل مكان لا تحس الغربة، لها الحظوة في البلاط، وفي مخادع النساء، ومع الطبقة الارستقراطية، وحتى مع طبقة الكهان، في حين أن تعاليم سقراط … يحكم عليها الفضوليون بأنها عديمة النفع، والمتبطلون بأنها عديمة المذاق، والأتقياء بأنها خطرة. " (٨).

وتتمثل في هبياس كما يصوره فيلاند كل أفكار السوفسطائيين ورذائلهم. فهو فيلسوف، ولكنه حرص على أن يكون مليونيراً أيضاً. وهو يعتزم