فكرة قص قصة اليهودي التائه من جديد، وخطط زيارة يقوم بها اليهودي لسبينوزا، وأن يبين أن الشيطان كما تدل جميع الظواهر منتصر على المسيح في العالم المسيحي (٤٤)، ولكن لم يزد على عشر صفحات في "اليهودي التائه". ثم نظم هجائيات في ياكوبي، وفيلاند، وهردر، ولنتس، ولافاتر، ولكنه وفق رغم ذلك على كسب صداقتهم. وشارك في كتاب لافاتر في الفراسة، سمح له بأن يفحص قسمات دماغه، وكانت النتائج مرضية لغروره. وكان حكم السويسري "إن هنا ذكاء، مع حساسية تؤججه. لاحظ الجبين النشيط … والعين السريعة النفوذ والفحص والافتتان … والأنف، الذي يكفي ذاته إعلاناً عن الشاعر .. مع الذقن الفحل، والأذن القوية المتسعة- فمن ذا الذي يرتاب في العبقرية الكامنة في هذا الدماغ؟ (٤٥) ومن ذا الذي يستطيع تطبيق هذه المقاييس الدماغية؟ " على أن ياكوبي قال أن هذا ممكن، لأنه بعد أن زار جوته في يوليو ١٧٧٣ وصفه في رسالة إلى فيلاند بأن "عبقري من قمة رأسه إلى أخمص قدمه، رجل به مس من الجن، كتب عليه أن يسلك وفق أوامر الروح الفردي"(٤٦).
وأخيراً، في فبراير ١٧٧٤، كتب جوته الكتاب الذي ذاع اسمه في طول أوربا وعرضها، "آلام الفتى فرتر". وكان قد أطال التفكير فيه، وأطال ترديده في تأملاته وخياله، حتى لقد أطلقه الآن كما يقول "في أربعة أسابيع … اعتزلت الناس كلية، ومنعت زيارة أصحابي"(٤٧). قال لأكرمان بعد خمسين سنة "كان ذلك خلقاً غذوته بدم قلبي كما يفعل طائر البطريق"(٤٨). وقد قتل فرتر ليمنح نفسه السلام.
وكان ملهماً في إيجاز الكتاب. اشتعل شكل الرسائل، محاكاة لقصة رتشردسن "كلاريسا" وقصة روسو "جولي" من جهة، ومن جهة أخرى لأن هذا الشكل كان ملائماً للإفصاح عن العاطفة وتحليلها، وربما لأنه في هذا الشكل استطاع أن يستعمل بعض الرسائل التي كتبها من فتسلار لأخته كورنيليا أو لصديقه ميرك. وصدم شارلوته وكستنر بإطلاقه اسمها الفعلي