للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأفكار الثورية، ثم صبها (١٧٧٠ - ١٧٨٩) في مسرحية "اللصوص" التي فاقت جوتز فون برليشنجن تعبيراً عن الحركة الزوبعية.

وفي ١٧٨٠ تخرج شيلر في الطب، وأصبح جراحاً لفوج في شتوتجارت. وكان راتبه ضئيلاً، وسكن حجرة واحدة مع الملازم كايف. وكانا يجهزان طعامهما وأكثره من السجق والبطاطس والخس، ثم أن النبيذ في المناسبات السارة. وقد شق على نفسه ليكون رجلاً له كل حس الجندي بالمعركة والجعة والمواخير، وزار المومسات اللاتي يختلفن إلى المعسكر (٦٧)؛ ولكنه لم يكن يسيغ الابتذال والسوقية، فالنساء في نظرته المثالية أسرار غامضة مقدسة يجب أن يدنو منها الرجل في إجلاله ورعدة. وكانت صاحبة الدار واسمها لويزة فيشر أرملة في الثلاثين، ولكنها إذا عزفت على الهاربسيكورد "فارقت روحي جسدي الترابي الفاني" (٦٨)، وتمنى لو "أنني التصقت إلى الأبد بشفتيك" … لا تشرب أنفاسك" (٦٩). وهي طريقة مبتكرة في الانتحار.

وحاول عبثاً أن يجد ناشراً لمسرحية "اللصوص"، فلما أن أخفق، وفر واقترض ثم طبعها على نفقته (١٧٨١). وقد أدهش نجاحها الناس حتى مؤلفها ذا الاثنين والعشرين ربيعاً. وفي رأي كارليل أنها بدأت "عصراً في الأدب العالمي" (٧٠)، ولكن ألمانيا الوقور صدمها أن المسرحية لم تترك ناحية من نواحي الحضارة الراهنة إلا إدانتها. وذكرت المقدمة التي صدر بها شيلر تمثيلته أنها تبين عظمة الضمير وأذى التمرد.

وخلاصة التمثيلية أن كارل مور، وهو الابن البكر للكونت المسن مكسمليان فون مور، يخصه أبوه بحبه لما اتسم به من مثالية وسماحة خلق؛ ومن ثم يحسده ويبغضه أخوه فرانتن. ويرحل كارل ويدخل جامعة ليبزج، ويتشرب مشاعر التمرد التي تضطرب بها صدور شباب أوربا الغربية. فلما ألح الدائنون في مطالبته بالدين، راح يندد بعباد المال القساة الذين "يلعنون الصدوقي الذي يقصر في الحضور إلى الكنيسة بانتظام، ومع أن تقواهم لا تخرج عن عد مكاسبهم، المجلوبة بالربا، على مذبح الكنيسة ذاته" (٧١).