ثم يفقد كل إيمان بالنظام الاجتماعي القائم، وينضم إلى عصابة من اللصوص، ويصبح زعيماً لها، ويقسم يمين الولاء لها حتى الموت، ثم يهدي ضميره بلعب دور روبن هود. ويصفه أحد أفراد العصابة بهذه العبارات:
"إنه لا يقتل كما نقتل طمعاً في شيء يسلبه، أما المال … فيبدو أنه لا يعبأ به مثقال ذرة، فثلث الغنيمة الذي هو حق خالص له يعطيه لليتامى، أو ليعين به شباب الكلية المبشرين بمستقبل مرموق. أما إذا وقع في براثنه عين من أعيان الريف الذين يسومون فلاحيهم سوء العذاب كأنهم الأنعام، أو وغد يرفل في فاخر الثياب ممن يعوجون القضاء ليخدم مآربهم … أو أي رجل من هذا النوع-عندها يا بني يتجلى على فطرته ثائراً هادراً كأنه شيطان رجيم"(٧٢).
ويندد كارل برجال الدين لأنهم يتملقون السلطان ويعبدون صنم المال سراً، "وخيرهم لا يتردد في أن يخون الثالوث الأقدس كله في سبيل عشرة شواقل"(٧٣).
ويدبر فرانتس في غضون هذا إبلاغ الكونت في رسالة كاذبة أن كارل مات. ويصبح فرانتس الوريث لثروة أبيه، ويتقدم لخطبة إميليا التي تحب كارل حياً أو ميتاً. ويدس فرانتس السم لأبيه، ويهدئ وخز ضميره بالإلحاد: "لم يثبت بعد أن فوق هذه الأرض عيناً ترقب كل ما يجري عليها … ليس هناك إله (٧٤). ويسمع كارل بجرائم أخيه، فيقود عصابته إلى قلعة الأب ويضرب حصاراً على فرانتس، فيتضرع هذا إلى الله مستمياً في التماس العون، فإذا لم يصله عون قتل نفسه. وتقدم أميليا نفسها لكارل شريطة أن يقلع عن حياة اللصوصية؛ وهو تواق إلى هذا، غير أن أتباعه يذكرونه بتعهده البقاء معهم حتى الموت. فيحترم تعهده، وينصرف عن أميليا؛ ولكنها تتوسل إليه أن يقتلها، فيستجيب لها، وبعد أن يرتب أن ينال عامل فقير المكافأة المرصودة للقبض عليه، يستسلم للقانون وللمشنقة.
وهذا كله بالطبع هراء. فالشخوص والأحداث يستحيل تصديقها،