والأسلوب منمق طنان، والخطب لا تطاق، والفكرة عن المرأة مثالية على نحو رومانسي. ولكنه هراء قوي. ذلك أن فينا كلنا تقريباً تعاطفاً خفياً مع أولئك الذين يتحدون القانون؛ فنحن أيضاً نحس أنفسنا أحياناً وقد ضيقت علينا الخناق وأرهقتنا آلاف القوانين والأوامر التي تكبلنا أو تغرمنا وقد طال اعتيادنا على المنافع التي وهبنا إياها القانون حتى أننا لنأخذه قضايا مسلمة؛ ونحن لا نشعر بتعاطف طبيعي مع الشرطة حتى نقع ضحية من ضحايا التمرد على القانون. ومن ثم وجدت التمثيلية المطبوعة قراء متحمسين واستحساناً حاراً، ولم تمنع شكاوي الوعاظ والمشرعين، الذين زعموا أن شيلر مجد الجريمة، أحد النقاد من أن يحييه لأنه يعد بأن يصبح شكسبيراً "ألمانيا"(٧٥)، ولا منعت المخرجين من أن يقترحوا إخراج المسرحية.
وعرض البارون فولفجانج هريبرت فون دالبرج أن يقدمها على المسرح القومي بمانهايم إذا وضع لها شيلر نهاية أسعد. ففعل: واقتضى التعديل أن يتزوج مور أميليا بدلاً من أن يقتلها. وتسلل شيلر من شتوتجارت دون أن يستأذن الدوق كارل أو بجين قائده الحربي ليحضر العرض الأول للمسرحية في ١٣ يناير ١٧٨٢. وأقبل الناس من فورمز ودارمشتات وفرانكفورت وغيرها من المدن ليشهدوا التمثيل. ولعب أوجست افلاند دور كارل، وكان من ألمع ممثلي الجيل؛ وأبدى النظارة استحسانهم بالصياح والتشيج، ولم تلق مسرحية ألمانية أخرى من قبل مثل هذا الاحتفاء (٧٦)، وكانت قمة في الحركة الزوبعية. وبعد المسرحية كرم الممثلون شيلر وتودد إليه ناشر من مانهايم، وشق عليه أن يعود إلى شتوتجارت ويستأنف حياته جراحاً للفوج. وفي شهر مايو تسلل ثانية إلى مانهايم لشهد عرضاً آخر لمسرحية ثانية. فلما أن عاد ثانية إلى فوجه، وبخه الدوق وحظر عليه تأليف المزيد من التمثيليات.
ولم يقو على تقبل هذا الحظر. ففي ٢٢ سبتمبر ١٧٨٢ هرب إلى مانهايم في صحبة صديق يدعى أندرياس سترايشر. وهناك قدم لدالبرج تمثيلية جديدة سماها "مؤامرة فييسكو في جنوه". وقرأها على الممثلين،