فحكموا أنها هابطة مؤسفاً عن مستوى "اللصوص"، وقال والبرج أنه قد يخرج المسرحية إذا راجعها شيلر؛ فعكف شيلر أسابيع على هذه المهمة، ولكن دالبرج رفض حصيلة هذا الجهد. ووجد شيلر نفسه لا يملك فلساً. وأنفق سترايشر على إعاشته النقود التي ادخرها ليدرس الموسيقى في همبورج. فلما نفدت، رحب شيلر بدعوة للإقامة في باورباخ في كوخ تملكه السيدة هنرييتا فون فولتسوجن. وهناك كتب تمثيليته ثالثة سماها "الدسيسة والحب". ووقع في غرام الآنسة لوته فون فولتسوجن البالغة من العمر ستة عشر ربيعاً. ولكنها آثرت عليه منافساً في حبها. وظفرت "فييسكو" التي نشرت في غضون هذا بتوزيع جيد. وندم دالبرج، وأرسل إلى شيلر دعوة ليكون كاتب التمثيليات المقيم لمسرح مانهايم براتب قدره ثلاثمائة فلورن في العام. فوافق (يوليو ١٧٨٣).
ونعم شيلر بعام من السعادة القلقة رغم كثرة ديونه التي عجز عن سدادها ورغم ما أصيب به مرة من مرض خطير. وعرضت فييسكو على المسرح أول مرة في ١١ يناير ١٧٨٤، وقد أفسدها ما أصر عليه دالبرج من نهاية سعيدة لا يمكن تصديقها، ولم تثر المسرحية أي حماسة من النظارة. بيد أن "الدسيسة والحب "كانت أفضل بناء، وأقل خطباً، وأظهرت حساً متزايداً بالمسرح؛ وقد رأى فيها البعض، من وجهة النظر المسرحية، أفضل المآسي الألمانية قاطبة (٧٧). وبعد أن فرغ الممثلون من العرض الأول (١٥ أبريل ١٧٨٤) ضج النظارة بتصفيق صاخب حمل شيلر على أن يقوم من مقعده في إحدى المقصورات وينحني للجمهور.
كانت سعادته مفرطة قصيرة الأجل. ذلك أنه لم يكن بطبيعته صالحاً للتعامل مع الممثلين، الذين كانوا على شاكلته تقريباً في عصبيتهم؛ فقد قسا في الحكم على آدائهم، ولا مهم على عدم حفظ أدوارهم حفظاً دقيقاً (٧٨). ولم يستطع أن يكمل تمثيلية ثالثة سماها "دون كارلوس" في الزمن المشروط. فلما أن قارب عقده "كاتباً للمسرح" الانتهاء في سبتمبر ١٧٨٤ رفض دالبرج تجديده. ولم يكن شيلر قد ادخر شيئاً، فعاد من جديد يواجه الإملاق والدائنين الذين فرغ صبرهم.