للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في هذه الفترة أو نحوها نشر بعض "الرسائل الفلسفية" التي تدل على أن الشكوك الدينية قد أضيفت إلى مشكلاته الاقتصادية. فهو لم يستطع تقبل اللاهوت القديم، ومع ذلك اشمأزت روحه الشاعرة من الإلحاد المادي، كذلك الذي عبر عنه دولباخ في كتابه "مذهب الطبيعة" (١٧٧٠). ولم يعد قادراً الآن على أن يصلي، ولكنه كان يحسد القادرين على الصلاة؛ وقد وصف في إحساس بالخسارة الفادحة ذلك العزاء الذي يهبه الدين لآلاف النفوس في ظروف الألم والحزن والاحتضار (٧٩). على أنه احتفظ بإيمانه بحرية الإرادة، وبالخلود، وبإله مجهول، بانياً هذا كله، كما بناه كانط، على الوجدان الأخلاقي. وقد أعرب في عبارة لا تنسى عن مبدأ المسيح الأخلاقي "حين أبغض انتزع شيئاً من نفسي، أما حين أحب فإنني أزيد ثراء بما أحب. والصفح معناه أن أتلقى ثروة فقدت. وكراهة البشر إنما هي انتحار بطيء" (٨٠).

وسط هذه الظروف المعقدة جمل كرستيان جوتفريد كورنر حياة شيلر بصداقة من أروع الصداقات في تاريخ الأدب. ففي يونيو ١٧٨٤ أرسل إلى شيلر من ليبزج رسالة تنم على الإعجاب الحار، مشفوعة بصور له، ولخطيبته مناشتوك، وأختها دوراً، وخطيب دوراً لودفج هوبر، ومحفظة جيب طرزتها منا. أما كورنر هذا فقد ولد في ١٧٥٦ (قبل مولد شيلر بثلاثة أعوام) لراعي كنيسة القديس توماس التي قاد فيها باخ قبل جيل الكثير من الموسيقى الخالدة. وقد نال الشاب إجازته في القانون وهو في الحادية والعشرين، وكان الآن مستشاراً لمجلس الكنيسة الأعلى في درسدن. وآخر شيلر رده حتى ٧ ديسمبر، إذ كان مرهقاً بمتاعبه وهمومه. ورد عليه كورنر يقول "نحن نقدم لك صداقتنا دون تحفظ، فاحضر إلينا بأسرع ما تستطيع" (٨١).

وتردد شيلر. وكان قد كون صداقات في مانهايم، ووقع في غرام العديدات، لا سيما (١٧٨٤) شارلوته فون كالب، التي تزوجت قبل