ذلك بعام واحد. وفي دارمشتات، في ديسمبر ١٧٨٤، التقى بالدوق كارل أوجست أمير ساكسي-فايمار، وقرأ عليه الفصل الأول من "دون كارلوس، ونال لقب Rat أو المستشار الفخري، ولكن لم يصله أي عرض بمكان في سماء فايمار. ومن ثم فقد قرر أن يقبل دعوة كرونر لليبزج. وعليه، ففي ١٠ فبراير ١٧٨٥ أرسل إلى المعجب الذي لم يعرفه به نداء عاطفياً يظهره ريباً من نقطة الانهيار.
"في الوقت الذي في نصف سكان مانهايم إلى المسرح … أطير إليكم أيها الأصدقاء الأعزاء … فمنذ أن تلقيت خطابكم الأخير لم تبرحني قط الفكرة بأننا مخلوقون بعضنا لبعض، لا تسيئوا الظن بصداقتي إذ تبدو متعجلة بعض الشيء. فالطبيعة تطرح الكلفة في رضاها عن بعض الكائنات. والنفوس النبيلة ترتبط بخيط رقيق كثيراً ما يتبين أنه طويل البقاء.
"فإذا ما التمستم العذر لرجل تدفئ قلبه أفكار عظيمة ولكنه لم ينجز غير أفعال صغيرة؛ رجل لا يستطيع إلى الآن إلا أن يحدس من حماقاته أن الطبيعة رصدته لشيء ما، ويطالب بالحب الذي لا حدود له، وهو مع ذلك يجهل ما في وسعه أن يقدمه رداً على هذا الحب؛ ولكنه رجل يستطيع أن يحب شيئاً ما يتجاوز شخصه، ولا يعذبه شيء كرؤيته نفسه بعيداً كل البعد من أن يكون ما يشتهي أن يكونه؛ أقول إذا تطلع رجل هذه طبيعته إلى صداقتكم فإن صداقتنا ستكون أبدية، لأنني أنا ذلك الرجل. فلعلكم ستحبون شيلر، حتى إن كان تقديركم للشاعر قد تضاءل".
وقد توقف عن إكمال هذا الخطاب، ولكنه استأنفه في ٢٢ فبراير:
"لا أستطيع المقام بعد اليوم في مانهايم … فلا بد لي من زيارة ليبزج والتعرف إليكم. إن نفسي متعطشة لغذاء جديد-لناس أفضل-للصداقة، والمودة، والمحبة. لا بدأن أكون قريباً منكم، وبفضل حديثكم وصحبتكم ستنتعش روحي الجريحة … يجب أن تهبوني حياة جديدة، وسأصبح خيراً مما كنت في أي وقت مضى. سأكون سعيداً-إنني لم أنعم بالسعادة قط إلى الآن .. أتراكم ترحبون بمقدمي؟ " (٨٢).