للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الإيمان، وعقد الزيجات والإشراف على الجنازات لأسرة الدوق وبلاطه. وبصفته المراقب العام للدوقية كان يشرف على سلوك الأكليروس وتعييناتهم، ويحضر اجتماعات مجلس الكنيسة ويلقى عظات فيها من سلامة العقيدة القدر الذي تسمح به شكوكه الخاصة. وكانت مدارس الدوقية تحت إدارته، فأصبحت نموذجاً تحتذيه ألمانيا كلها. هذه المسئوليات مضافاً إليها ناسوره وسوء صحته عموماً، جعلته سريع الغضب وصبغت حديثه بين الحين والحين بما سماه جوته "اللدغة الخبيثة" (١٠). وقد ظل ثلاث سنين (١٧٨٠ - ٨٣) هو وجوته يتجنب أحدهام صاحبه؛ وقد أنكر الدوق بعض عظات هدر. قال جوته "بعد عظة كهذه لم يبق أمام أي أمير إلا الاعتزال" (١١). وقال فيلاند اللطيف الطبع معلقاً في ١٧٧٧ "وددت لو قام بيني وبين هردر اثنا عشر هرماً" (١٢)، وتعلمت فايمار أن تلتمس المعازير "الاكلينيكية" لقسيسها الشبيه بدين سويفت، وردت زوجته اللطيفة كارولينة على بعض لدغه. وفي ٢٨ أغسطس ١٧٨٣ اغتنم جوته اتفاق وقوع عيد ميلاده وعيد ميلاد ابن هردر البكر في يوم واحد ليدعو آل هردر العشاء. واصطلح عضو المجلس الخاص والمراقب العام، وكتب جوته يقول أن "السحب الكئيبة التي فرقت بيننا طويلاً قد انجلت، وإلى الأبد في اعتقادي" (١٣). وبعد شهر أضاف "لست أعرف رجلاً أنبل قلباً أو أسمح وروحاً" (١٤)، وذكر شيلر في ١٧٨٧ أن "هردر شديد الإعجاب بجوته-بل هو يكاد يعبده". (١٥) وأصبح فيلاند وهردر في الوقت المناسب صديقين متفاهمين (١٦)، وكان هذان، لا جوته ولا شيلر، هما اللذين قادا الحديث في صالون آنا أماليا واكتسبا قلب الدوقة الأرملة (١٧).

وواصل هردر وسط واجباته الإدارية البحث في الشعر البدائي، وجمع عينات منه من نيف وعشرة شعوب، ومن أورفيدس إلى أوسيان، ونشرها في "مختارات سماها Volksliede " أغاني شعبية" (١٧٧٨) أصبحت ينبوعاً من ينابيع الحركة الرومانتيكية في ألمانيا. وبينما كان جوته يتهيأ لعودة إلى المثل والأشكال والأساليب الكلاسيكية ولضبط العقل للعاطفة، كان هردر يشير بالانتفاض على عقلانية القرن الثامن عشر وشكلية القرن السابع عشر والعودة إلى إيمان العصر الوسيط وأساطيره وأناشيده وأساليب حياته.