الخفية المنتشرة في الطبيعة تعبيراً أقوى مما في هذا الخيال السريع، خيال الطفل المشرف على الموت، الذي يرى "ملك العفاريت" آتياً ليخطفه من بين ذراعي أبيه؟.
في هذه الحقبة أيضاً كتب جوته ثلاث مسرحيات نثرية: "اجمونت (١٧٧٥) وافجيني في تاوريس (١٧٧٩) وتورقواتو تاسو ( Torquato Tasso) (١٧٨٠) - وهي ثمر كاف لخمس سنين قضاها في خضم السياسة. ولم تخرج "اجمونت" على المسرح إلا في ١٧٨٨، أما إفجيني فقدمت على مسرح فايمار في ٦ أبريل ١٧٧٩ (قبل العرض الأول لأوبرا جولك التي بهذا الاسم بستة أسابيع (؛ ولكن جوته غير فيها وبدل، ونظمها شعراً، أثناء مقامه في روما، بحيث يحسن النظر إليها على أنها نتاج لمرحلة جوته الكلاسيكية. كذلك أعاد صياغة "تاسو" ونظمها شعراً في إيطاليا، ولكنها تدخل هنا جزءاً من افتتان جوته بشارلوته فون شتين. ففي ١٩ أبريل ١٧٨١ كتب إليها يقول:"كل كلام تاسو موجه إليك"(٥١). وصدقت كلامه، فطابقت بينها وبين ليونورا، وبين جوته وتاسو، وبين كارل أوجست ودوق فرارا.
وقد تلقف جوته الأسطورة التي زعمت أن انهيار عقل تاسو في بلاط فرارا قد اشتد، إن لم يكن قد نشأ أصلاً، عن غرام تعس بأخت لألفونس الثاني (حكم ١٥٥٩ - ٩٧)(٥٢). وما من شك في أن جوته كان يفكر في نفسه حين وصف ما يدور في فكر تاسو الشعري:
إن عينه قلما تطيل النظر إلى هذا المشهد الأرضي، أما أذنه فمرهفة السمع لأنغام الطبيعة. وأما صدره فيتلقى للتو في ابتهاج ما يقدمه التاريخ وتأتي به الحياة، ثم يجمع الأشتات المتفرقة ويربط بينها ويبعث حسه الذكي الحياة في الموتى. وهكذا يغرينا الرجل العجيب