عقل جميل. وهذا يفسر نجاح هذا الدين نجاحاً كبيراً مع الطبائع الأنثوية، وأنه في النساء فقط مكن احتماله إطلاقاً" (١٠٥).
ولم يكن شيلر كجوته مركباً من حيث بدنه للوثنية الخالصة. كان وجهه مليحاً ولكنه شاحب، وقوامه فارعاً ولكنه نحيل هش. وكان يخشى تقلبات الجو اليومية ويؤثر القعود في حجرته يدخن ويتنشق. وكان يقابل بينه وبين جوته مقابلة الفكرة ضد الطبيعة، والخيال ضد العقل، والعاطفة ضد الفكر الموضوعي (١٠٦). وكان يجمع بين الحياء والكبرياء، يخشى الخصومة ولكنه يرد دائماً على الهجوم؛ سريع الغضب فاقد الصبر أحياناً (١٠٨). وكان يميل إلى استخراج العبرة عن كل شيء، وإلى الضرب على وتر مثالي عال. ومما يريح نفوسنا أن نراه يستمتع بغراميات قصة ديدرو "الحلي الواشية" (١٠٩). وقد أجاد تحليل موهبته في خطاب مبكر إلى جوته:
"لقد غلبني عقل الشاعر عموماً حين كان ينبغي أن أفلسف، وغلبني عقل الفيلسوف حين كنت أريد الشعر. وحتى الآن كثيراً ما يحدث أن يقتحم الخيال تجريداتي، والفكر الهادئ نتاجي الشعري. ولو استطعت السيطرة على هاتين القوتين بحيث أعين لكل منهما حدودها (كما كان جوته يفعل) لبقي لدي أمل في التطلع إلى مصير سعيد. ولكن حين بدأت أعرف طاقاتي المعنوية وأستخدمها على الوجه الصحيح، هاجمني المرض للأسف وهددني بتقويض قوالي البدنية" (١١٠).
وعاوده المرض بعنف في ديسمبر ١٧٩٣؛ ثم تماثل للشفاء، ولكن إحساسه بأن لا شفاء له منه وأنه يجب أن يتوقع نوبات راجعة أورثه الكآبة. ففي ١٠ ديسمبر كتب إلى كورنر يقول "إنني أكافح هذا الشعور بكل قوى عقلي … ولكنني أصد دائماً … فإن غموض مستقبلي؛ … والشكوك في عبقريتي التي لا يدعمها ولا يشجعها الاتصال بغيري، والافتقار التام لذلك الحديث العقلي الذي أصبح ضرورة لا غنى لي عنها"؛ تلك كانت الأفكار الملازمة لمحنته الجسدية. وراح يتطلع في تشوق، من يينا لفيمار،