للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وظيفة الشاعر في تعليم البشر والتسامي بهم إلى مستوى الإلهام السماوي. وقد وصف في قصيدة غنائية طويلة "الفنانون ١٧٨٩" الشعراء والفنانين بأنهم يرشدون النوع الإنساني إلى وحدة الجمال مع الفضيلة والحق. وفي قصيدة أخرى "آلهة اليونان" (١٧٨٨) امتدح اليونان على حساسيتهم الجمالية وإبداعاتهم الفنية، وزعم، في إبهام حذر، إن العالم بات كئيباً قبيحاً منذ حلت المسيحية محل الهيلينية. وكان واقعاً الآن تحت سحر جوته كما وقع جوته من قبل تحت سحر فنكلمان.

ولعل تصوير شيلر وجوته الرومانسي لليونان القديمة كان هروباً من المسيحية. فشيلر ينتمي إلى التنوير رغم بعض الفقرات الورعة، شأنه في ذلك شأن جوته؛ وقد قبل إيمان القرن الثامن عشر بالخلاص عن طريق العقل البشري لا النعمة الإلهية. واحتفظ باعتقاد ربوبي في الله-شخصي في الشعر فقط-وخلود غامض. ورفض الكنائس كلها البروتستنتية منها والكاثوليكية. ولم يكن المواعظ حتى مواعظ هردر. وقد كتب بيتين شهيرين في إبجرام عنوانه (عقيدتي) يقول فيهما:

أي دين أعترف به؟ ولا واحد من كل الأديان التي تذكرها لي. ولم؟ بسبب الدين (١٠٤).

وكتب إلى جوته في ٩ يوليو ١٧٩٦ يقول "إن الطبيعة السليمة الجميلة-كما تقول أنت نفسك-ليست في حاجة إلى ناموس أخلاقي، إلا إلى القانون لطبيعتها، ولا إلى ميتافيزيقا سياسية. وكان في وسعك أن تضيف أيضاً أنها ليست في حاجة إلى إله، ولا فكرة خلود تدعم وتصون بها ذاتها". ومع ذلك كان فيه عوامل من الخيال والرقة ردته صوب المسيحية:

"إنني أجد أن المسيحية تحتوي فعلاً على الأصول الأولي لكل ما هو أسمى وأنبل؛ وصورها الخارجية المختلفة لا تبدو لنا بغيضة منفرة إلا لأنها تعبيرات سيئة عن الأسمى .. ولم يشدد أحد تشديداً كافياً على ما يمكن أن يكون هذا الدين لعقل جميل أو على الأصح ما يمكن أن يفهمه منه