ونمو فكرة "تلمذة فلهلم مايستر" من بدايتها إلى تمام تنفيذها يوضح منهج جوته في الخلق. فقد تصور القصة في ١٧٧٧، وأتم الكتاب الأول في ١٧٧٨، تم نحاه جانباً، ولم يكمل الكتاب الثاني حتى يوليو ١٧٨٢. ثم عكف على الكتاب الثالث حتى نوفمبر من ذلك العام، وعلى الرابع حتى نوفمبر ١٧٨٣؛ أما الكتابان الخامس والسادس فقد امتد بهما الزمن ثلاث سنين أخرى. وقد أطلق على الكتب الستة "انطلاق فلهلم مايستر المثير" وقرأ أجزاء منها على بعض أصحابه، ثم طرحها جانباً. وعاد إلى القصة في ١٧٩١ بإلحاح من هردر وآنا آماليا، وأضاف إليها كتابين في ١٧٩٤، ثم عرض المخطوط المتعاظم على شيلر، الذي رد بانتقادات واقتراحات وتشجيع كلما وافاه المؤلف بصفحات جديدة، وكأنها صورة لقابلة تعين الأم على ولادة فات أوانها. وأخيراً، في ١٧٩٦، دفع جوته بالمؤلف كله إلى المطبعة. لا عجب إذن أن كانت الحصيلة النهائية مشوهة تشويهاً طفيفاً، ضعيفة البناء، "دهنية" القوام، مهوشة، ممتازة في أجزاء فقط، وفي عكسها لتردد جوته بين الاهتمامات المتضاربة، والمثل العليا الغامضة. لقد كان الحسم والثقة بالنفس، اللذان نعته بهما شيلر، هما الستار المتكبر للتذبذب والصراع الداخليين.
وقد عبر الكتاب عن فترة التلمذة في النقابات الحرفية الألمانية، وخلال زمن الوصاية هذا أصبح فلهلم "معلماً" فموضوع القصة المطوف إذن هو تلمذة فلهلم البطيئة الأليمة في نقابة الحياة. وبسبب مسارح العرائس إلى أحبها جوته طفلا، واهتمامه المتصل بالمسرح، ربط القصة بفرقة من الممثلين تجتاز مدنا كثيرة وتتقلب عليها عشرات الغير دروسا في الحياة وصورا لأساليب العيش الألمانية. واد كان وفيا لعدم وفاته فقد أدخل بطله إلى مسرح الأحداث بهجراته خليلته ماريانه. وفلهلم ليس بالشخصية الفتانة. فهو ترك نفسه تساق من موقف لآخر أو من فكرة لأخرى على هوى الظروف أو بقوة الشخصية المفروضة عليه، والمرأة هي التي تقوم بالمبادرة في غرامياته. ولد برجوازياً، ومن ثم فهو يتعثر إعجاباً بالرجال النبلاء