للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى قمة تطوره. لقد قصر الخطب وكثف الحركة، ورسم كل الشخوص الهامة بحيوية وقوة، وجمع كل خيوط الحبكة معاً في الخاتمة الفاجعة-وهي ذلك الموت المخزي لرجل عظيم دمره الطمع والكبرياء اللذان لا حدود لهما. وأحس شيلر أن في وسعه الآن أن يقف على قدم المساواة مع جوته (١٢٩)، وكان على حق في مضمار الدراما. وأضاف الدوق مائتي طالر لمعاش شيلر، ربما بناء على اقتراح من جوته، ودعاه للإقامة في فيايمار. وهكذا نتقلت الأسرة في ٣ ديسمبر ١٧٩٩ إلى بيت قريب جداً من بيت جوته، حتى أن الشاعرين ظلا حيناً يلتقيان كل يوم (١٣٠).

وكان شيلر خلال ذلك قد زج بنفسه في مسرحية أخرى بعد أن حفزه انتصاره. كتب إلى كورنر في ٨ مايو ١٧٩٩ يقول "شكراً لله! لقد وقعت وقعت فعلاً على موضوع جديد لمأساة" ودرس لهذه التمثيلية "ماريا ستيوارت" الخلفية التاريخية، ولكن لم يدع أنه يكتب التاريخ، فقد نوى أن يكتب تمثيلية يستخدم فيها التاريخ مادة وخلفية. فرتب من جديد الأحداث والتسلسل الزمني ليخدما الاتساق والتأثير الدراميين؛ وأكد على العناصر غير السارة في خلق اليزابث، وجعل من ماري بطلة مبرأة من كل دنس تقريباً، ثم أتى بالملكتين وجهاً لوجه في مواجهة درامية. والتاريخ لا يعرف هذا اللقاء، ولكن المشهد من أقوى المشاهد في أدب المسرح. فلما أن عرضت في فايمار في ١٤ يونيو ١٨٠٠ انتشى شيلر مرة أخرى بنجاحه. وما وافى شهر يوليو حتى كان عاكفاً على تمثيلية "عذراء أورليان". هنا أيضاً عدل التاريخ ليخدم هدفه: فبدلاً من حرق العذراء صور جان دارك هاربة من آسريها الإنجليز، مندفعة إلى المعركة لتنقذ ملكها، لاقية حتفها وهي منتصرة على ساحة القتال. وكان العرض الأول في ليبزج (١٨ سبتمبر ١٨٠١) أعظم انتصار ظفر به شيلر طوال حياته.

أكان جوته يغار من صعود نجم صديقه فجأة على المسرح الألماني؟ لقد اغتبط بهذا الصعود، وظل بعد مضي ثمانية وعشرين عاماً يحكم على "موت