أما شيلر فكان نجمه في صعود من ١٧٩٨ إلى ١٨٠٠. ففي ٢٨ نوفمبر ١٧٩٦ كتب إلى كورنر يقول "ما زلت أطيل الفكر جاداً في "فالنشتين"، ولكن العمل التعس ما زال أمامي بلا شكل ولا نهاية. "وقد بدأ المسرحية نثراً، ثم نحاها، ثم استأنفها شعراً. وكان على إلمام بالمدة من الدراسات التي قام بها ليؤلف كتابه "تاريخ حرب الثلاثين"، ولكنها بلغت من الوفرة والتعقيد في الشخوص والأحداث مبلغاً أكرهه على الإقلاع عن محاولة ضغطها في خمسة فصول. وقرر أن يقدم للدراما بتمهيد (برولوج) من فصل واحد سمته "معسكر فالنشتين"، وأن يقسم الباقي إلى تمثيليتين. وشرحت الأولى مؤامرة خلع القائد المتمرد، ووازنتها بغرام ملتهب بين ابنة فالنشتين وابن زعيم في المؤامرة. وإما الدراما النهائية والأساسية فستكون "موت فالنشتين".
فلما قرأ جوحه التمهيد "راعه التصوير الواقعي لمعسكر الجيش، والإعداد البارع للتطورات اللاحقة، فأصر على عرض "معسكر فالنشتين" على مسرح فايمار (١٢ أكتوبر ١٧٩٨) قبل أن يكتمل القسم الأول؛ وربما كانت هذه الطريقة ذكية لإلزام الشاعر بالعكوف على مهمته. وفي مطالع ١٧٩٩ ذهب شيلر إلى فايمار لإخراج التمثيلية الأولى، فعرضت أول مرة في ٣٠ يناير ولقيت قبولاً حسناً. وعاد إلى يينا وراح يعكف بشكل محموم على "موت فالنشتين". ويكشف خطاب في ١٩ مارس ١٧٩٦ عن الحالة النفسية لكاتب خرج لتوه من أتون الخلق "لقد طالما روعتني اللحظة التي سأفرغ فيها من عملي، مع شدة رغبتي في مجيء تلك اللحظة؛ والواقع أنني أشعر بأن حريتي الراهنة أسوأ من حالة العبودية التي كنت أعانيها إلى الآن. فقد ذهب الآن الجمهور الذي اجتذبني حتى الآن وألزمني هذا الواجب، وأنا أحس كأنني معلق في الهواء إلى ما لا نهاية".
وجاء ما يكفي من الإثارة مع التدريبات والعرض الأول (٢٠ أبريل ١٧٩٩) لموت فالنشتين. وكان نجاحها كاملاً. وحتى جمهور فايمار النقاد أحس أنه شهد رائعة من روائع العرض الدرامي. ووصل شيلر الآن