للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبهذا الشرط يبرم فاوست حلقة مع دمه ويصيح في استهتار "هلم نطفأ الآن ظمأ رغباتنا المتأججة في بحر من الشهوات" (١٦).

ويأخذه مفيستوفيليس إلى مارجريت-"جريتشن" فيجد فيها فاوست كل فتنة البساطة التي تولي مع المعرفة وتعود مع الحكمة. ويتودد إليها بالجواهر والفلسفة:

"مارجريت: قل لي ما رأيك في الديانة؟ لست أنكر أنك من أطيب الناس وأحسنهم. لكني أخشى أن تكون قليل الإيمان.

فاوست: دعي هذا يا حبيبتي! أنت ترينني متيماً بك؛ أود أن أبذل من أجل حبك لحمي ودمي، وما أريد لعمري أن أسلب أحداً دينه ومعتقده.

مارجريت: هذا خطأ. يجب على الإنسان أن يؤمن بالدين! … قل لي: هل تعتقد وتؤمن بالله؟

فاوست: أيتها الحبيبة! من ذا الذي يستطيع أن تبلغ به الجرأة والقحة أن يقول "أنا أعتقد بالله" …

مارجريت: إذن فأنت لا تؤمن بالله؟

فاوست: لا تسيئي فهم أقوالي أيتها الحبيبة: أي الناس يقدر أن ينطق باسمه؟ وأيهم يستطيع أن يقول "أنا لا أؤمن به؟ وأي الورى يحسن ويبصر، ويسمع، ويعي، ثم يجرؤ أن يقول "أنا لا أؤمن به"؟ ذلك القابض على كل شيء وممسك كل شيء؟ أليس هو الممسك لي ولك ولنفسه! أما تنظرين إلى السماء كيف رفعت وإلى الأرض كيف سطحت؟ … وإلى هذه النجوم الزهر تسبح في السماء، مرسلة ضياءها الأبدي المحبوب؟ … فمن هذا كله فاملأي قلبك حتى يطفح … بتلك السعادة، ويستنير بذلك النور. وعندئذ فلتسميه كما تشائين، ولتدعيه بما يحلو لك من الأسماء: السعادة أو القلب أو الحب أو الرب. أما أنا فما له اسم عندي. وكل همي أن أحسه وأستشعره. فالشعور هو كل شيء! وما الاسم إلا صدى لا طائل تحته، أو غمام يستر عن أبصارنا محيا الشمس البديع.