حب الآباء وحنانهم (٩٦). وكان الأطفال يتركون في المنزل في الجناح الخاص بالنساء، وقلما كانوا يختلطون بالكبار من الذكور حتى يبلغوا السابعة من العمر، وبعدها يرسل الأولاد إلى المدارس إذا كانت موارد الأسرة تكفي لتعليمهم ويفصلون عن البنات فصلا تاما، حتى إذا بلغوا العاشرة لم يسمح لهم بأن يختاروا لهم رفقاء من غير الرجال والمحاظي. ولكن انتشار اللواط جعل هذا الاختيار صوريا (٩٧).
وكانت العفة تعد من الفضائل السامية، وكان الآباء يحرصون عليها أشد الحرص في بناتهم، وقد نجحوا في غرس هذه الفضيلة في البنات نجاحا منقطع النظير، يدل عليه أن البنات الصينيات كن في بعض الأحيان يقتلن أنفسهن إذا اعتقدن أن شرفهن قد تلوث بأن مسهن رجل مصادفة (٩٨). غير أنهم لم يبذلوا أي مجهود يرمى إلى أن يحتفظ غير المتزوج بعفته، بل كان يعد من الأمور العادية المشروعة أن يتردد على المواخير، وكان الزنا عند الرجال من الشهوات المألوفة الواسعة الانتشار، يستمتع به الرجل كما يشتهي من غير أن يناله من ورائه أي عار إلا ما ينال المفرط في أية عادة من العادات (١).
وكان إعداد النساء لإشباع هذه الشهوات من النظم المقررة في الصين من زمن بعيد. من ذلك أن الوزير الشهير جوان جونج وزير ولاية تشي أعد مقرا للقوادات تؤخذ فيه من التجار القادمين من الولايات الأخرى مكاسبهم قبل أن يعودوا إلى أوطانهم (١٠١).
ويقول ماركو بولو أنه شاهد في عاصمة كوبلاي خان من العاهرات ما لا يحصى عددهم وما لا يتصور العقل جمالهن. وهؤلاء البغايا مرخص لهن
(١) وكان الرجال في بعض الأحيان يعدون أنفسهم جهرة لقضاء الليل في بيت من بيوت الدعارة بالصور الخليعة والتواغيظ والأغاني (١٠٠). ومن واجبنا أن نقول أن هذه العادات الجنسية الشاذة آخذة في الزوال في هذه الأيام.