للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمزاولة مهنتهن، وتنظم الدولة أمورهن وتراقبهن من الوجهة الطبية، وتقدم أجملهن دون أجر إلى أعضاء السفارات الأجنبية (٢٠٢).

ونشأت فيما بعد طائفة خاصة من الفاتنان يعرفن "بالبنات المغنيات" مهنتهن أن يتحدثن حديثا مهذبا مثقفا إلى الشبان إذا أرادوا أو يستخدموهن في بيوت الأزواج لتسلية الضيوف. وكثيرا ما تكون هؤلاء الفتيات من البارعات في الأدب والفلسفة وممن يجدن الموسيقى والرقص (١٠٣).

وقد كان الرجال يستمتعون بحرية واسعة في صلاتهم بالنساء قبل الزواج، كما كانت صلات النساء المحترمات بالرجال قبل زواجهن مقيدة بأشد القيود، وكان من نتائج هذه الحرية الواسعة من جهة وهذا التقييد الشديد من جهة أخرى أن الفرصة لم تتح كثيرا لنشأة الحب العاطفي السامي. على أنه قد ظهرت كتابات تصف هذا الحب العاطفي في عهد أسرة تانج؛ وفي وسعنا أن نرى شواهد دالة على وجود هذه العاطفة منذ القرن السادس قبل الميلاد في قصة واي شنج. فقد تواعد هو وفتاة أن يلتقيا تحت قنطرة، وظل هو ينتظرها هناك بلا جدوى وإن كان الماء قد علا فوق رأسه وأغرقه (١٠٤). وما من شك في أن واي شنج كان أعرف بحقائق الأمور مما يبدو في هذه القصة، ولكن الشاعر الذي نظمها يظن هو وأمثاله من الشعراء أنه قد لا يعرف، وفي هذا الظن ما فيه من الدلالة. وقصارى القول أن الحب بوصفه عاطفة رقيقة وهياما بالمحبوب وتعلقا به كان بين الرجال بعضهم بعضا أقوى منه بين الرجال والنساء؛ والصينيون في هذا أشبه الناس باليونان (١٠٥).

ولم يكن للزواج صلة كبيرة بالحب. ولما كان الغرض من الزواج هو ربط زوجين أصحاء بعضهما ببعض لكي تنشأ من ارتباطهما أسرة كبيرة، فإن هذه الرابطة لم يكن يصح في اعتقاد الصينيين أن تترك لحكم العواطف القائم على غير أساس من العقل. ومن أجل هذا كان الآباء يحرصون على فصل الذكور عن