المرء حين يتأمل مكتبة ما يشعر كأنه في حضرة رأس مال هائل يأتي في صمت بفائدة لا تقدر" (٧٧). ولكن الفكر يغير الخلق أكثر كثيراً من الخلق بغير الفكر، "فكل ما يحرر العقل دون أن يمنحنا السيطرة على أنفسنا مؤذ" (٧٨). خطط لحياتك، ولكن حاول الموازنة بن الفكر والعمل؛ فالفكر بغير العمل مرض. "فلأن تعرف حرفة وتمارسها يزودك بثقافة أكثر مائة مرة من نصف المعرفة" (٧٩). "وما من بركة تعدل بركات العمل" (٨٠) وفوق كل شيء كن "كلاً" أو انضم إلى كل "أن النوع الإنساني وحده هو الإنسان الحق، ولا يستطيع الفرد أن يفرح ويسعد إلا إذا امتلك شجاعة الشعور بنفسه في الكل" (٨١).
وهكذا نرى الفني الذي ورث أسباب الرغد والأمن، والذي أضحك طلاب ستراسبورج على لباسه المترف الغريب، فلم تعد بفضل الفلاسفة والقديسين وتجارب الحياة أن يفكر في الفقراء بعطف، وأن يتمنى لو تقاسم المحظوظون من الناس ثرواتهم مع الفقراء بسخاء أكثر. وينبغي أن تفرض الضرائب على النبلاء بنسبة دخولهم، وأن يتيحوا لأتباعهم الإفادة من "المنافع التي تهيئها المعرفة والرجاء المتزايدين" (٨٢) وقد أحس جوته بما يحس به البورجوازيين من حسد لأصحاب النبالة بالميلاد حتى بعد أن أطبق صيته آفاق أوربا. "في ألمانيا لا تتاح فرصة الحصول على … ثقافة شخصية مكتملة الجوانب للنبلاء" (٨٣). وكان يراعي جميع فروض الاحترام المألوف في سلوكه مع رؤسائه. وكل الناس يعرفون ما وقع لجوته وبيتهوفن في تبلتز، في يوليو ١٨١٢؛ ولكن المصدر الوحيد لهذه القصة هو بتينا برنتانوفون آرنيم، غير الموثوق بروايتها، التي ادعت أنها تنقل عن رواية بيتهوفن:
"يستطيع الملوك والأمراء حقاً أن يخلعوا الألقاب والأوسمة، ولكنهم لا يستطيعون أن يصنعوا عظماء الرجال الذين يجب إذن النظر إليهم بإجلال. وحين يجتمع اثنان مثل جوته ومثلي، فلا بد لهؤلاء السادة من ذوي الحسب