لقدوم جوته إلى فايمار، وأرسل إليه الدوق خطاباً أذيع أيضاً على الشعب:
"ببالغ السرور أود أن أنوه بالذكرى الخمسينية لهذا اليوم يوبيلاً لا للخادم الأكبر لدولتي فحسب، بل لصديق صباي الذي رافقني طوال تقلبات الحياة بثبات المحبة والولاء والوفاء. وأني لمدين في نجاح أهم مشروعاتي لمشورته الواعية ولتعاطفه الذي لا يني وخدمته النافعة. وأني لأعد ضمي إياه لشخصي بصفة دائمة مفخرة من أعظم مفاخر ملكي (٩٦).
ثم أقبلت سنوات الشيخوخة الحزينة حين يختفي الصديق تلو الصديق. ففي ٢٦ أغسطس ١٨٢٦، بعد عيد ميلاد جوته السابع والسبعين بيومين، أرسلت شارلوته فون شتين، وهي في الرابعة والثمانين، آخر ما نعرف من رسائل لحبيبها منذ نصف قرن: "كل تمنياتي الصادقة وبركاتي بمناسبة هذا اليوم. وأتوسل إلى الملائكة الحارسة في المحفل السماوي أن تأمر بمنحك أيها الصديق الأعز كل خير وجميل. وأنني ما زلت المخلصة لك في رجاء وبلا خوف، وأنا أسألك أن تهبني عطفك السمح خلال الفسحة القصيرة التي بقيت لي في الأجل" (٩٧). ثم ماتت في ٦ يناير ١٨٢٧، فلما سمع جوته بالنبأ بكى. وفي ١٥ يونيو ١٨٢٨ مات الدوق، وعرفت فايمار أن عصرها الذهبي أخذ يولي. واستعد جوته لدوره بالعكوف على فاوست بنشاط محموم. ولكن الدور لم يكن دوره بعد. ذلك أن أوجست، ابنه الوحيد الباقي على قيد الحياة، بعد أربعين سنة من الفشل، وعشرين من الفسق، مات في روما في ٢٧ أكتوبر ١٨٣٠. وقد أظهر تشريح جثته أن حجم كبده خمسة أضعاف الحجم العادي. فلما أبلغ جوته بالنبأ قال (باللاتينية) "لم أكن أجهل أنني أنجبته إنساناً فانياً" (٩٨). وكتب يقول "حاولت إغراق نفسي في العمل وقد ألزمت نفسي بالمضي في المجلد الرابع من كتاب "الشعر والحقيقة"(٩٩).
وحين بلغ الثمانين بدأ يحد من مجال اهتماماته. ففي ١٨٢٩ كف عن قراءة الصحف. وكتب إلى تسلتر يقول "لست أستطع البدء بإنبائك بما اكتسبته من