وقت وما أنجزته من أعمال خلال الأسابيع الستة التي تركت فيها جميع الصحف الفرنسية والألمانية دون أن أفتحها" (١٠٠) "سعيد من كان عالمه في بيته" (١٠١). وقد حظي بالمحبة والرعاية من أرملة أوجست، أوتيلييه، واستشعر البهجة بأطفالها. ولكنه كان أحياناً يعتكف حتى عنهم ويطلب الخلوة التامة ويثني على الوحدة لأنها المواسية والمحك للعقل المثقف.
وقد أفصح وجهه الآن عن أعوامه الثمانين: غضون عميقة غير الجبين وحول الفم، وشعر فضي يتراجع، وعيون هادئة متسائلة؛ ولكن عودة ظل مستقيماً وصحته جيدة. وكان يفخر بأنه اجتنب القهوة والتبغ وكلاهما مذموم في رأيه لأنه سم زعاف. وكان معجباً بطلعته وبكتبه، يستطيب ثناء الناس عليه صراحة، ولا يبذله إلا ضنيناً به. بعث إليه شاعر شاب في ١٨٣٠ بديوان شعر، فرد عليه جوته ينبئه بتسلمه رداً لاذعاً قال فيه "تصفحت كتيبك، ولكنني نحيته على المرء في وباء من أوبئة الكوليرا أن يحمي نفسه من المؤثرات المضعفة" (١٠٢). وكان يضيق بأصحاب الكفايات الهزيلة، وازداد ضيقه بالناس أكثر فأكثر كلما أكرهته الشيخوخة على الانطواء على نفسه، وقد اعترف بهذا فقال "كل من ظنني لطيفاً من واقع مؤلفاتي ألفي نفسي مخدوعاً أشد الخداع حين أحتك برجل فيه برود وتحفظ (١٠٣). ووصفه زواره بأنه بطيء الانفراج، فيه شيء من التكلف والتصلب ربما نتيجة لارتباكه، أو لضنه بالوقت ينتزع من واجباته. ومع ذلك فإن كثيراً من رسائله تدل على القرة ومراعاة مشاعر الآخرين.
وطبق صيته الآن آفاق أوربا. وأشاد به كارليل-قبل موت جوته بزمن طويل-فحلاً من فحول الأدب العالمي. وأهدى بايرون "ورنر" إليه، وأهدى برليوز "هلاك فاوست" إلى "المونسنيور جوته"؛ وأرسل إليه الملوك الهدايا. ولكن قراءه في ألمانيا كانوا قلة، والنقاد مناوئين له، وانتقص منافسوه من قدره ورموه بأن عضو في مجلس الأمير مغرور يدعى أنه شاعر وعالم. وأدان ليسنج "جوتز" و "فرتر" لأنهما هراء رومانسي؛ واحتقر كلويشتوك "ارمان ودوروتيا" لأنه كتاب عادي لا امتياز فيه،