الذي أصبح معروفاً باسم يعقوب فرانك الذي أطلقه عليه الترك، مئات من اليهود البولنديين بأن روح زيفي تقمصته، وعلمهم عقيدة شبيهة بهرطقة مسيحية لطيفة تصورت الثالوث مؤلفاً من الله الآب، ومريم الأم، والمسيح ابنهما، وأخيراً قاد أتباعه إلى الكنيسة الكاثوليكية (١٧٥٩).
وأنقذت الحركة "القاصدية" اليهود البولنديين بعض الإنقاذ من حالتهم الوضعية. وكان مؤسس "عقيدة التقوى" هذه إسرائيل بن ألعازر، المعروف باسم بعل شم-توب ("السيد الصالح لاسم الله")، واختصاراً باسم "بشت" الجامع لأول حروف اسمه الكامل. وكان يجوب البلاد معلماً للأطفال، وعاش في فقر تجمله البهجة، وكان يصلي بانتشاء ويشفي المرضى شفاء "معجزياً" بالأعشاب الجبلية. وقد طلب إلى أتباعه ألا يعيروا طقوس المجمع والمعرفة التلمودية كبير اهتمام، وأن يقتربوا إلى الله رأساً في شركة متواضعة ولكنها حميمة، وأن يبصروا الله ويحبوه في شتى صور الطبيعة ومظاهرها، في الصخور والأشجار، وفي حالات اليسر والألم؛ وأمرهم بأن يستمتعوا بالحياة في الحاضر بدلاً من البكاء على خطايا الماضي وآلامه. وكانت أقواله المأثورة البسيطة أحياناً تشبه أقوال المسيح. "شكا بشت أن ابنه ترك الله، وسأله قائلاً: يا معلم، ماذا أصنع؟ وأجابه بشت: أحبه أكثر مما فعلت في أي وقت"(٤٢).
والحركة القاصدية في بولندة تقابل من بعض الوجوه حركات الأخوان الموافيين، والتقويين الألمان، والمثوديين الإنجليز؛ فقد اتفقت مع هذه الحركات على إخراج الدين من المعبد وإدخاله إلى القلب، ولكنها رفضت النسك والاكتئاب، وأمرت أتباعها بأن يرقصوا، ويستمتعوا بعناق أزواجهم، لا بل بالشراب بين الحين والحين إلى حد النشوة.
فلما مات بعل شم-توب (١٧٦٠) تولى رعاية قطيعة، وأحياناً جز صوفه، (٤٣) سلسلة من "الصديقين". وحارب التلموديين السنيون بزعامة عالم متعصب من فلنا يدعى إيليا بن سليمان "القاصدين" بالنصح والحرم، ولكن عددهم زاد بانهيار بولندة (١٧٧٢ - ٩٢)، ولم يختتم القرن حتى كانوا يعدون ١٠٠. ٠٠٠ نسمة (٤٤).