للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأوبرا أو المسرح وصولي رأساً" (٧). وقد أعربت عن مثل هذا السرور الليدي ماري ورتلي مونتجيو بعد اثني عشر عاماً فقالت:

"إن هذا البلد كله (هولندة) يبدو وكأنه حديقة فسيحة الأرجاء: فالطرق كلها حسنة الرصف، تظللها على الجانبين صفوف الأشجار، وتحفها قنوات واسعة غاصة بالزوارق الغادية الرائحة … وكل الشوارع (في روتردام) … معتنى بنظافتها جداً … حتى أنني جلت بأرجاء المدينة كلها تقريباً أمس، متنكرة، في خفى دون أن تنالني لوثة قذر واحدة، وترى الخادمات الهولنديات يغسلن الطوار … بعناية تفوق عناية خادماتنا بغسل غرف نومنا. ومراكب التجار تصل (على القنوات) حتى أبواب البيوت. والدكاكين والمتاجر نظيفة بهية إلى حد مدهش، غاصة بمقادير هائلة من السلع الجميلة" (٨).

على أن هذه التقارير الوردية وصفت هولندة قبل أن تحس بالآثار الاقتصادية لانتصارها على لويس الرابع عشر في حرب الوراثة الأسبانية. ففيها أراقت دمها ومالها إلى ما يقرب الإنهاك؛ فتضخم دينها العام، وفقدت كثيراً من تجارة النقل التي ذهبت إلى حلفائها العسكريين الذين كانوا رغم تحالفهم العسكري معها منافسين لها في التجارة-وإلى ألمانيا. وهبطت أرباح شركة الهند الشرقية من أربعين في المائة إلى ١٧١٥ إلى اثني عشر ونصف في المائة في ١٧٣٧، وأرباح شركة الهند الغربية الهولندية من خمسة في المائة في ١٧٠٠ إلى اثنين في المائة في ١٧٤٠ (٩). وجرت حرب السنين السبع مزيداً من الأذى. ذلك أن مصرفيي أمستردام أثروا بفضل القروض المرتفعة الفائدة التي أقرضوها للدول المحاربة، ولكن صلح ١٧٦٣ أنهى هذه النعمة الكبرى، فأفلس كثير من المصارف الهولندية، وتضرر نتيجة لذلك كل مشروع تجاري كبير. كتب بوزويل الذي كان في هولندة في ١٧٦٣ يقول "إن الكثير من كبريات المدن تضعضعت إلى حد محزن … وأنت تلتقي بمجموع من القراء الذين يتضورون جوعاً وهم عاطلون" (١٠). وزيدت الضرائب فأفضى ذلك إلى هجرة رأس المال والعناصر البشرية الصلبة؛