عرشهم وتصلم آذان محظيات زوجها وتفقأ عيونهن ثم تلقيهن في المراحيض (١١٥). وكان التعليم منتشرا بين نساء الطبقات العليا في الأيام القديمة وإن كان عدد من يعرفون القراءة والكتابة من الصينيين في أيام المنشو لا يكاد يبلغ واحدا في كل عشرة آلاف. وكان كثيرات من النساء يقرضن الشعر، ولقد أتمت بان جاو أخت المؤرخ بان كو الموهوبة (حوالي عام ١٠٠ م) تاريخه بعد وفاته ونالت حظوة كبيرة عند الإمبراطور (١١٧).
ولعل قيام نظام الإقطاع في الصين قد قلل من منزلة المرأة السياسية والاقتصادية في تلك البلاد، وجاء معه بنمط صارم من الأسرة الأبوية. ذلك أن الأبناء الذكور هم وزوجاتهم وأطفالهم كانوا يعيشون في العادة مع أكبر رجال الأسرة. ومع أن الأسرة كلها كانت تمتلك أرضها امتلاكا مشتركا فإنها كانت تعترف للأب بالسلطان الكامل على الأسرة وعلى أملاكها. فلما أن حل عهد كنفوشيوس كان سلطان الأب يكاد أن يكون سلطانا مطلقا في جميع الأمور، فكان في وسعه أن يبيع زوجته وأبناءه ليكونوا عبيدا، وإن لم يفعل هذا إلا إذا ألجأته إليه الضرورة القصوى؛ وكان يستطيع إذا شاء أن يقتل أبناءه لا يحول بينه وبين هذا إلا حكم الرأي العام (١١٨). وكان يتناول طعامه بمفرده لا يدعو زوجته ولا أبناءه إلى المائدة معه إلا في أوقات قليلة نادرة، وإذا مات كان ينتظر من أرملته ألا تتزوج بعده، وكان يطلب إليها في بداية الأمر أن تحرق نفسها تكريما له، وظلت حوادث من هذا النوع تقع في الصين إلى أواخر القرن التاسع عشر بعد الميلاد (١١٩). وكان الصيني يجامل زوجته كما يجامل كل إنسان سواها، ولكنه كان في حياته بعيدا كل البعد عن زوجته وأبنائه كأنه من طبقة غير طبقتهم. وكان النساء يعشن في أقسام خاصة من المنزل، وقلما كن يختلطن فيه بالرجال، وكانت الحياة الاجتماعية كلها مقصورة على الرجال إلا إذا كانت النساء من الطبقات التي يسمح لأفرادها بالاختلاط بالرجال كالمغنيات والمحدثات ومن إليهن