مدن كثيرة دون جدال. كتب المرشاي دنوال يقول "علينا أن نتعامل مع شعب غاية في اللطف والكرم"(٢٥) على أنهم لم يكونوا كلهم كذلك، فقد ارتفعت أصوات معظم المواطنين مطالبة بزعيم حربي ينقذ البلاد على نحو ما فعل وليم الثالث في ١٦٧٢، ونصب سليله غير المباشر، وليم الرابع أمير أورانج، حاكماً للأقاليم السبعة، وقائداً للجيش، وأميراً للبحرية (٣ مايو ١٧٤٧)؛ وفي أكتوبر جعلت هذه المناصب وراثية في أسرته، ومعنى ذلك أن الملكية أعيدت في واقع الأمر، غير أن وليم الرابع كان فيه من التمسك بالخلق المسيحي ما لا يجعله قائداً حربياً صالحاً؛ فلم يستطع أن يعيد النظام إلى الجيوش، وتوالت الهزائم يقفو بعضها بعضاً، وفي معاهدة إكس-لا-شابل (١٧٤٨) كانت هولندة محظوظة لاحتفاظها بأراضيها سليمة، ولكنها عادت خربة من الناحية الاقتصادية ومات وليم بالحمرة وهو في الأربعين (١٧٥١)، وقامت أرملته الأميرة آن-بالوصاية على العرش إلى أن ماتت (١٧٥٩)، ثم حكم لودفج إرنست أمير بروزويك-فوفلنبوتل البلاد حكماً صارماً كفئاً حتى بلغ وليم الخامس سن الرشد (١٧٦٦).
وفي الحرب الدائرة بين إنجلترة والمستعمرات الأمريكية احتجت هولندة على عدوان البريطانيين على السفن الهولندية، وانضمت إلى روسيا في "الحياد المسلح" المبرم في ١٧٨٠؛ وأعلنت إنجلترة عليها الحرب، واستولت على جميع السفن الهولندية تقريباً، وفي معاهدة باريس (١٧٨٣) كادت مصالح هولندة أن تغفل، فنزلت عن نجاباتام (في جنوبي الهند) لإنجلترة، وسمحت للإنجليز بحرية الملاحة في جزؤ الملقا. وهكذا لم تعد هولندة تلعب دوراً بين الدول.
ودمرت هذه الخطوب شعبية وليم الخامس. ثم إن نجاح الثورة في أمريكا حفز الأفكار الديمقراطية في الأراضي الواطئة، وأفضى إلى قيام حزب "الوطنيين" المناهض للأسرة الحاكمة. وكانت القلة صاحبة المال تمتص ثروة الأمة المتناقصة خلال كل تغيير في الحكومة امتصاصاً ألجأ رجالاً كثيرين إلى التسول ونساء كثيرات إلى البغاء في المدن التي كانت يوماً ما