لأوثر أن أكون غسالة لحبيبي، وأن أسكن علية، على حرية أسرنا الكبيرة الجرداء وآداب سلوكها المهذب" (٢٢).
وجازت زيليدة سلسلة من العلاقات الغرامية التي خفتها وحيدة مثخنة بجراح لا تبرحها. وراحت تهدئ أعصابها بالأفيون وهي بعد في الرابعة والعشرين. وحين بلغت الثلاثين (١٧٧١) تزوجت سان-هياسنت دشاربير، وهو معلم خاص سويسري، وذهبت لتعيش معه قرب لوزان. فلما وجدته قاصراً من الناحية الفكرية، وقعت في أربعيناتها في حب رجل يصغرها بعشر سنين، فقضى وطره منه ثم هجرها. والتمست التنفيس في كتابة قصة أسمتها "كاليست" (١٧٨٥ - ٨٨)، طرب لها سانت-بيف أي طرب. وحين بلغت السابعة والأربعين، التقت في باريس ببنجامن كونستان، وكان فتى في العشرين، فأغوته بفكرها (١٧٨٧) وكتب يقول "إن لمدام شاربير أسلوباً غاية في الأصالة والحيوية ف النظر إلى الحياة، واحتقاراً عميقاً جداً للتعصب، وفكراً بالغ القوة، وتفوقاً على أوساط الناس عارماً محتقراً … حتى أنني على غرابة أطواري وتكبري مثلها … وجدت في حديثها لذة لا عهد لي بها قط … وقد انتشينا باحتقارنا للنوع الإنساني" (٢٣). وسار الحال على هذا المنوال حتى عام ١٧٩٤ حين وجد بنجامن نشوة جديدة مع مدام دستال. واعتكفت زيليدة في عزلة مرة، وماتت في الخامسة والستين، بعد أن خلقت خواء الحياة الدنيا واستنفدته.
ولو شاءت لوجدت غذاء للتشاؤم في التاريخ السياسي للأقاليم المتحدة في القرن الثامن عشر. ذلك أن حكم البلاد بعد موت وليم الثالث (١٧٠٢) احتكرته أولجريكه من كبار رجال الأعمال انصرفوا إلى فرض الضرائب على الشعب ومحاباة الأقرباء والدس والتآمر. كتب كاتب هولندي في ١٧٣٧ يشكو هذه الحال فقال "إن المواطنون ممنوعون من المشاركة في الحكومة … ولا يطلب منهم نصيحة ولا رأي في إدارة شئون الدولة" (٢٤). وقد تكشف العجز الحربي لهذا النظام حين دخلت هولندة حرب الوراثة النمساوية (١٧٤٣) فغزاها جيش فرنسي ولم يلق مقاومة تذكر، وسلمت