سماها "رولف كراجي"(١٧٧٠)، ويبلغ قمة الشعر الدنمركي في القرن الثامن عشر بمسرحية "موت بالدر"(١٧٧٣) وهي دراما ملحمية بالشعر. على أن جهده لم أته إلا بالكفاف، فاعتكف في عزلة ريفية، وراح يجتر سلسلة من الأوصاب، ثم أنعشه معاش من الحكومة آخر الأمر. وقد رد على الصنيع بتمثيلية "صيادي السمك"(١٧٧٦) التي احتوت أغنية شعبية وطنية مطلعها "وقف الملك كرستيان إلى جوار الصاري العالي" التي أصبحت أنشودة الدنمركيين القومية المفضلة (٣٦). وكانت دعوة إيفالد إلى المجد، ووداعه للحياة، ومات في ١٧٨١ إثر مرض طويل أليم غير متجاوز الثامنة والثلاثين. ويعد السكندنافيون "من أعظم شعراء الشمال الغنائيين، بل ربما أعظمهم قاطبة"(٣٧).
وبتقدم القرن الثامن عشر أصبح التقدم السياسي للدنمرك جزءاً من الدراما الحديثة المتصلة أبداً بين التقاليد المتوارثة والتجربة. وقد مزج كرستيان السادس (حكم ١٧٣٠ - ٤٦) بين القوى المتعارضة. فدفع هو ووزراؤه التنمية الاقتصادية قدماً باستجلاب الغزالين والنساجين لإنشاء صناعة النسيج، وبتكوين الشركات القومية للاتجار مع آسيا وأمريكا، وبفتح مصرف كوبنهاجن (١٧٤٤). ونشروا التعليمين الابتدائي والثانوي، وأسسوا الأكاديميات لتشجيع الأدب والعلم. على أنهم جددوا قانوناً قديماً يلزم بحضور بخدمات الصلات اللوثرية، وأغلقوا جميع المسارح وساحات الرقص، ونفوا الممثلين، ومنعوا الحفلات التنكرية.
وأبقى فردريك الخامس (حكم ١٧٤٦ - ٦٦) ابن كرستيان على هذه القوانين ولكنه خفف من وطأتها بروحه اللطيفة وحبه للذات الحسية. ففي ١٧٥١ استقدم من هانوفر يوهان هارفنج أرنست فون بيرنشتورف، الذي وفق وهو رئيس للوزراء في رفع مستوى الأمانة والكفاءة في الإدارة، وأصلح شأن الجيش والبحرية، وأبعدهما عن حرب السنين السبع، وحرك مياه الثقافة الدنمركية الراكدة بجلب الأساتذة والشعراء والفنانين والعلماء؛ وقد رأينا كلويشتوك يقبل هذه الدعوة. وفي ١٧٦٧ توج الكونت فون