للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيرنشتورف سياسته الخارجية السلمية بإقناع كاترين الكبرى بتوقيع اتفاقية نزلت بمقتضاها للدنمرك عن هولشتين-جوتورب.

ومات فردريك الخامس في الثالثة والأربعين (١٧٦٦) بعد أن أنهكته لذاته. وقد زوج ابنه كرستيان السابع (حكم ١٧٦٦ - ١٨٠٨) على عجل وهو بعد في السابعة عشرة من كارولين ماتيلدا أخت جورج الثالث ملك إنجلترة، وقد أفاضت إشراقاً على حياة العاصمة الاجتماعية، ولكن زوجها نصف المجنون أهملها إيثاراً لحياة الخلاعة، وانزلقت كاترين إلى غرام مأساوي من طبيب البلاط يوهان فريدريش شتروينزي. وكان ابناً لأستاذ لاهوت في هاله، فدرس فيها الطب، وفقد إيمانه الديني كما يفقده أكثر الأطباء. وقد دان بحظوته عند الملك لبراعته في علاج العواقب الاكلينيكية لغراميات الملك، وعند الملكة لتوفيقه في الأتيان بكرستيان السابع إلى فراشها بما يكفي لإنجاب وريث للعرش. فلما تردى عقل الملك في درك الاكتئاب وعدم المبالاة، وزادت سلطة الملكة في الحكومة، وسمحت لطبيبة بإدارة سياستها كما سمحت له بالاستمتاع بحظوتها فغدا (١٧٧٠) حاكم الدولة الفعلي. وخرجت الأوامر من القصر الملكي ممهورة من شتروينزي باسم الملك "غير المتمال قواه العقلية". وطرد برنشتورف، فاعتكف بهدوء في ضياعه بألمانيا.

وكان شتروينزي قد قرأ مؤلفات جماعة "الفلاسفة" الفرنسيين، وعلى مبادئهم نوى أن يشكل الحياة الدنمركية من جديد. فألغى استغلال النبلاء لامتيازاتهم، وأنهى الرقابة على المطبوعات، وأسس المدارس، وطهر المصالح الحكومية من الرشوة والاستغلال، وأعتق الأقنان، وحرم التعذيب القضائي، وأعلن التسامح لجميع الأديان، وشجع الآداب والفنون، وأصلح القانون والمحاكم والبوليس، والجامعة، والمالية، ووسائل حفظ الصحة البلدية … ثم ألغى معاشات كثيرة تخفيفاً من الدين العام، ورصد دخول المؤسسات الدينية للإنفاق على الأغراض العامة.

"ولكن النبلاء تآمروا ليسقطوه، واستغلوا حرية النشر لاستنزاف شعبيته.