فرنسا. فقد طاب نفساً حين رآى سياساته الاقتصارية تنجح في السويد، حيث أجيزت حرية التجارة في الغلال، وأطلق عقال الصناعة من نظم النقابات الحرفية التي شلت حركتها. وحفز التجارة تنظيم المواني الحرة على البلطيق ومدن الأسواق الحرة في الداخل. واستشير ميرابو الأب في تحسين الزراعة، وكلف لمرسييه ولا ريفيير بوضع خطة للتعليم العام (٤٤). وأرسل جوستافس إلى فولتير نسخة من الأمر الذي كفل حرية النشر (١٧٧٤)، وكتب يقول "إنك أنت الذي يجب أن تسدي إليك الإنسانية الشكر على تحطيم تلكك العقبات التي ألقاها الجهل والتعصب في طريق تقدمها (٤٥) وقد أصلح القانون والقضاء، وألغى التعذيب، وخفف العقوبات، وثبت العملة. ثم خفف الضرائب على الفلاحين، وأعاد تنظيم الجيش والأسطول، ومنح التسامح لجميع المذاهب المسيحية ولليهود في ثلاث مدن كبرى منهياً بذلك احتكار المذهب اللوثري لتقوى السويديين؛ فلما أن دعا مجلس الأمة للانعقاد في ١٧٧٨، وافق المجلس على سنوات حكمه الست الأولى دون أن يخرج صوت واحد على الإجماع وكتب جوستافس إلى صديق له "لقد بلغت أسعد مراحل حياتي العملية. فأفراد شعبي مقتنعون بأنني لا أبغي شيئاً غير زيادة رفاهيتهم وتوطيد دعائم حريتهم" (٤٦).
جـ - التنوير السويدي
وفي زحمة هذا النشاط التشريعي والإداري، أسهم الملك بكل قلبه في ذلك التفجر الرائع للآداب والعلوم، الذي أوقف السويد على قدم المساواة مع التطورات الفكرية الأوربية في القرن الثامن عشر. وكان هذا عصر لينايوس في النبات، وشيليه وبرجمان في الكيمياء، وقد أشدنا بذكرهما في غير هذا الموضع-ولكن ربما كان من واجبنا أن ندرج في قائمة العلم رجلاً من ألمع السويديين في زمانه، وهو إيمانويل سويد نبورج، لأنه اشتهر أول ما اشتهر بوصفه عالماً. فقد أنجز عملاً أصيلاً في الفيزياء والفلك والجيولوجيا والبليونتولوجيا وعلم المعادن والفسيولوجيا وعلم النفس. وحسن المضخة الهوائية باستعمال الزئبق؛ وإجاد وصف المغنطيسية