للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتعض بأسنانها على شفتيها،

وتنحني وتركع مرارا يخطئها الحصر.

قد يكون في هذه المقتبسات ظلم للبيت الصيني؛ نعم قد كان فيه خضوع ومذلة، وكثيرا أقام فيه النزاع بين الرجل والمرأة وبين بعض الأطفال، ولكن كان في البيت أيضا كثير من الحب والحنان، وكثير من التعاون والتآزر في الأعمال المنزلية، مما يجعل البيت مكانا طبيعيا ومستقرا صالحا للأسرة. وكانت المرأة رغم خضوعها للرجل من الناحية الاقتصادية تستمع بكامل حقها في استخدام لسانها، وكان في وسعها أن تؤنب الرجل حتى يرهبها أو يفر من وجهها كأحسن ما تستطيعه المرأة الغربية في هذه الأيام. هذا وجدير بنا أن نقول أن الأسرة ذات النظام الأبوي ليس في مقدورها أن تكون أسرة ديمقراطية، وهي أشد من ذلك عجزا عن أن يكون جميع أفرادها متساوين في الحقوق، وذلك لأن الدولة كانت تترك للأسرة مهمة القيام على النظام الاجتماعي، ولأن المنزل كان مربى للأطفال ومدرسة ومصنعا وحكومة في وقت واحد. ولم يتراخ نظام الأسرة في أمريكا إلا بعد أن ضعف شأن المنزل في المدينة وقلت أهميته بانتقال واجبات الأسرة إلى المدرسة والمصنع والدولة.

ولقد أثنى كثير من الرحالة أجمل ثناء على الخلق الذي كان ثمرة هذه النظم المنزلية. فإذا صرفنا النظر عن الحالات الشاذة الكثيرة التي تضعف كل حكم عام يمكن أن يصدره الإنسان على أي نظام اجتماعي، استطعنا أن نقول أن الصيني العادي كان مثلا يحتذى في طاعة الأبناء للآباء وإخلاصهم ووفائهم لهم وفي احترام الصغار للكبار وعنايتهم بهم عن رضا واختيار (١). وكان الصيني يقبل الحكم


(١) توضح الأقاصيص الصينية هذه الصفات توضيحا فكها بما ترويه في قصة هكوجا الذي كانت أمه تضربه بالسوط كل يوم ولكنه لا يبكي أبدا. لكنه بكى في يوم من الأيام في أثناء ضربه، ولما سئل عن سبب اضطرابه هذا الاضطراب الغير المألوف قال إنه يبكي لأن أمه بعد أن كبرت وضعفت قد عجزت عن أن تسبب له الأذى بضرباتها.