للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تساير هجرة العمال الصناعيين أو تكاثرهم، وكثيراً ما أكرهوا على العيش في مساكن متداعية تتزاحم في شوارع ضيقة كئيبة. وعاش بعض العمال في أقباء زادت رطوبتها من أسباب المرض. ولم يحل عام ١٨٠٠ حتى كانت كل المدن الكبرى قد قامت فيها أحياء فقيرة مزدحمة باتت ظروف العيش فيها أسوأ من أي ظروف عرفت في تاريخ إنجلترا السابق.

وحاول العمال تحسين ظروفهم بالمشاغبات أو الاضطرابات أو التنظيم، فهاجموا المخترعات التي تهددهم بالبطالة أو العمل الشاق والأجر الحقير، وقرر البرلمان في ١٧٦٩ اعتبار تخريب الآلات جناية (٣١). ولكن العمال في مصانع لانكاشير تجمعوا رغم ذلك عام ١٧٧٩ في حشد من الغوغاء تعاظم من خمسمائة رجل إلى ثمانية آلاف؛ ثم جمعوا الأسلحة النارية والذخيرة؛ وصهروا الأطباق البيوترية ليصنعوا منها الأعيرة، وأقسموا أن يدمروا كل آلة في إنجلترا. وفي بولتن حطموا مصنعاً وأجهزته تحطيماً تاماً؛ وفي أولذم اقتحموا عنوة مصنع نسيج روبرت بيل (أبي السير روبرت الوزير)، وحطموا أجهزته الغالية. وكانوا في طريقهم للهجوم على مصنع آركرايت في كرامفورد حين لحق بهم الجنود المرسلون من لفربول، ففروا للفور مدحورين. وقبض على بعضهم وحكم عليهم بالشنق. وعلل قضاة الصلح هذا بأن "تدمير الآلات في هذا البلد لن تكون إلا الوسيلة لنقلها إلى البلاد الأخرى … مما يؤذي تجارة بريطانيا (٣٢). وطلب "صديق للفقراء" مجهول الهوية إلى العمال أن يتحلوا بمزيد من الصبر "أن كل التحسينات بواسطة الآلات ينجم عنها أول الأمر بعض المصاعب لأشخاص بعينهم … أو لم يكن أول أثر للمطبعة هو حرمان الكثير من الناسخين من حرفهم؟ " (٣٣).

وحرم القانون تأليف الاتحادات العمالية بهدف المساومة الجماعية؛ ومع ذلك وجدت "جمعيات العمال المهرة" التي يرجع بعضها إلى القرن السابع عشر. وفي القرن الثامن عشر كثر عددها لا سيما بين صناع النسيج. وكانت أولاً أندية أو جمعيات لتبادل المنافع، ولكنها بتقدم القرن أصبحت أكثر عدواناً، ونظمت أحياناً الاضطرابات حين كان البرلمان يرفض