ووجدت المجتمعات الصناعية نفسها منساقة على غير هدى في فترة فاقدة لحس المسئولية الأخلاقية، بين ناموس أخلاقي يحتضر وآخر جديد لم يتشكل بعد.
وما تزال الثورة الصناعية ماضية في طريقها قدماً، وليس في قدرة عقل واحد أن يستوعبها في جميع مظاهرها، أو أن يصدر حكماً أخلاقياً على نتائجها. ولقد مقادير وأنواعا جديدة من الجرائم، وألهمت العلماء كل ما اتصف به المبعوثون الدينيون والراهبات من إخلاص وتفان، وأنتجت المباني القبيحة، والشوارع الكئيبة، والأحياء الفقيرة القذرة، ولكن هذه لم تكن مستمدة من صميمها، هو إحلال القوة المكنية محل الجهد البشري. وهي الآن تهاجم شرورها، لأنها وجدت أن الأحياء الفقيرة القذرة تكلف أكثر من التعليم، وأن التخفيف من الفقر يثري الأغنياء. وفي استطاعة المعمار الوظيفي والبراعة الميكانيكية-كما نرى في الكباري مثلاً-أن يخلقا جمالاً يزاوج بين العلم والفن. وأخذ الجمال يصبح مجزياً، والتصميم الصناعي يتبوأ مكانه بين فنون الحياة وأسباب تجميلها.