وكان شريدان يملك معيناً لا ينضب من النكت في رأسه، ينثرها على كل صفحة، ويخلع الذكاء والظرف على الخدم والاتباع، وجعل الحمقى يتكلمون كالفلاسفة. ولامه النقاد لأن شخوصه لم تكن دائماً متوافقة مع حديثها، لأن النكت والدعابات التي تفرقع في كل مشهد وتتدفق في كل فم تقريباً قد أثلمت لذعها بالإفراط؛ لا ضير، فقد استطاب النظارة هذا المرح، وهم يستطيبونه إلى يومنا هذا.
ثم أحرزت مسرحيته "القهرمانة" نجاحاً أعظم حتى من نجاح "المزاحمون"، وقد قدمت أول مرة في ٢ نوفمبر ١٧٧٥ على مسرح كوفنت جاردن، واستمر عرضها خمساً وسبعين ليلة في موسمها الأول، فحطمت بذلك الرقم القياسي الذي حققته "أوبرا الشحاذ" في ١٧٢٨، وهو ثلاث وستون ليلة وهالت هذه المنافسة المثيرة ديفد جاريك الذي كان يمثل على مسرح دروري لين، ولكنه لم يستطع أن يجد رداً سريعاً لاذعاً أفضل من إحياء "الاكتشاف" وهي تمثيلية من تأليف أم شريدان التي ماتت قبيل ذلك. وانتشى شريدان بخمرة النجاح، فعرض على جاريك أن يشتري نصيب النصف الذي يملكه في دروري لين؛ وأحس جاريك بأنه تقدم في العمر، فوافق نظير ٣٥. ٠٠٠ جنيه؛ وأقنع شاريدان حماه وصديقاً له أن يساهم كل منهما بمبلغ ١٠. ٠٠٠ جنيه؛ أما هو فدفع ١. ٣٠٠ جنيه نقداً، ثم جمع الباقي بقرض (١٧٧٦). وبعد عامين جمع ٣٥. ٠٠٠ جنيه أخرى، وأصبح مالكاً للمسرح هو وشركاؤه، ثم تولى إدارته.
وظن الكثيرون أن ثقته بنفسه جاوزت الحد، ولكن شريدان انتقل إلى نصر حين أخرج (٨ مايو ١٧٧٧)"مدرسة الفضائح" وهي أعظم مسرحيات القرن الثامن عشر نجاحاً. واصطلح أبوه الآن معه بعد أن كان غاضباً عليه منذ فر بحبيته قبل خمس سنوات. وتالا هذه الانتصارات فترة توقف في صعود نجم شريدان. ذلك أن العروض التي قدمت على دروري لين تبين أن الجمهور لا يقبل عليها، ورع الشركاء شبح الإفلاس. وأنقذ شريدان الموقف بمهزلة "فارص" سماها "الناقد" وهي هجاء للدرامات