الجارف، وتحطم بدناً وروحاً، وأدرك أنه لا يصلح لمعارك السياسة ودسائسها، استقال (٨ أبريل ١٧٦٣) بعد أقل من سنة وهو كبير وزراء الملك.
أما خلفه جورج جرنفل فعانى من خطوب ثلاثة: فقد هاجمه في الصحف جون ولكس الذي لا يقهر (١٧٦٣ وما بعدها)؛ وحصل على موافقة البرلمان (مارس ١٧٦٥) على قانون الدمغة الذي كان أول ما نفر المستعمرات الأمريكية؛ وأصيب في عهده جورج الثالث بأول نوبات جنونه. ذلك أن إخفاق بيوت واستقالته حطما أعصاب الملك وفلا عزيمته، ولم يسبغ عليه زواجه أي سعادة، وكان جرنفل معتداً برأيه إلى حد مؤلم، لا بل يكاد يكون مسيطراً. ثم تماثل جورج للشفاء بعد قليل، ولكنه لم يعد بعدها يشعر بأن فيه من العافية ما يكفي لمقاومة أولجركية الأحرار التي هيمنت على معظم البرلمان والصحافة. فلجأ إلى حل وسط، ودعا المركيز روكنجهام-وهو من الأحرار-لتأليف وزارة جديدة.
وشرع المركيز بموافقة البرلمان خلال سنه عدة قوانين مهدئة، ربما عملاً باقتراحات أشار بها سكرتيره إدموند بيرك. فألغيت أو عدلت ضريبة الدبس (السيدر)، وألغيت ضريبة الدمغة، وأعان التجارة إبرام معاهدة مع روسيا، وهدئ الهياج الذي نشب حول ولكس، ويبدو أن هذا التشريع لم تسخر الرشوة لدفعه قدماً. أما الملك فقد ساءه إلغاء الضريبة، والتنازلات التي قدمت لولكس؛ وعليه ففي ١٢ يوليو ١٧٦٦ أقال وزارة روكنجهام، وعرض النبالة على بت، وطلب إليه أن يضطلع بالحكم. ووافق بت.
غير أن "نائب العموم العظيم" كانت صحته قد تضعضعت، وكذلك عقله. وضحى الآن بما بقي له من شعبيته بقبوله لقب إيرل شاتام، فتخلى بذلك عن مكانه في مجلس العموم. وكان له في هذا بعض العذر: فقد أحس بأنه أضعف من أن يثبت لتواترات مجلس العموم وصراعاته، أما مجلس اللوردات فسيتاح له فيه فراغ أكثر وسيكون التوتر فيه أقل. واتخذ منصباً هادئاً نسبياً هو منصب وزير الخاتم الملكي، وسمح لصديقه دوق