على أن الحرية الجديدة كمعظم الحريات أسيء استعمالها مراراً، فباتت أحياناً أداة تسخرها أهداف أشد أنانية وتحزباً، ومعارضة أشد سوقية وعنفاً، من أي أهداف أو معارضة ظهرت من قبل البرلمان، وعندها استحقت النعت الذي نعتها به شاتام-"الفاجرة المرخصة"(٨٩) وكان إلزاماً أن يؤدبها هي الأخرى صوت رابع هو الرأي العام، الذي كانت الصحافة مع ذلك جزئياً مصدره، وفي حالات كثيرة مضللة، وأحياناً صوته. وبدأ الرجال والنساء المجردون من الألقاب يجهرون بآرائهم في السياسة وأساليب الحكم بعد أن تسلحوا بمعرفة أوسع، وتجمعوا في محافل عامة. ونافست مناقشاتهم بين الحين والحين مناقشات البرلمان أثراً في التاريخ. واستطاع الآن المال أن يطالب بحق الحكم كشرف الأصل سواء بسواء، وبين الفريقين المتصارعين يسمع صوت الشعب بين الحين والحين.
أفرج عن ولكس في ١٧ أبريل ١٧٧٠، فأضيأت بيوت كثيرة كأنما تحتفل بعيد، وعلق العمدة على منزله لافتة تحمل كلمة "الحرية" في حروف ارتفاعها ثلاث أقدام (٩٠). ولم يلبث ولكس أن انتخب عضواً في البلدية ثم عمدة، وفي ١٧٧٤ انتخبته مدلسكس مرة أخرى للبرلمان. ولم يجرؤ النواب الآن على أن يحرموه مقعده، فاحتفظ به طوال الانتخابات حتى ١٧٩٠. وتزعم لفيفاً صغيراً من "الراديكاليين" في البرلمان، طالبوا بالإصلاح البرلماني وبإعطاء "الطبقات الدنيا" حق التصويت.
"ينبغي في رأيي أن يتاح لكل عامل حر في هذه المملكة حق تمثيله في البرلمان وينبغي بتر دوائر الحضر الحقيرة التافهة، التي نصر على وصفها بأنها الجزء العفن في دستورنا، وأن يسمح للمدن التجارية الغنية الأهلة بالسكان-مثل برمنجهام ومانشستر وشفيلد وليدز وغيرهما-بإرسال نوابها لمجلس الأمة العظيم … أريد يا سيدي برلمانياً إنجليزياً يعبر عن الإحساس الحر، غير متحيز، لسواد الشعب الإنجليزي"(٩١).
وقد انتظر البرلمان ستة وخمسين عاماً لتقبل هذه الإصلاحات.
ورفض ولكس أن يرشح نفسه للانتخاب في ١٧٩٠، ثم اعتزل الحياة العامة. ومات في ١٧٩٧ وقد بلغ السبعين، فقيراً كما ولد، لأنه كان شديد الأمانة في جميع مناصبه (٩٢).