تذكرواأن أغلبية من المستعمرين تحدرت من جماعات منشقة. ووافق جبون جونسون على إدانة المستعمرات، ولكن ديفد هيوم حذر بريطانيا وهو على وشك الموت من أن محاولة إكراه أمريكا ستفضي إلى كارثة (١٠٥) أما أصحاب المصالح التجارية فقد مالوا إلى تأييد الملك لأن طلبات الحرب تجلب لهم الأرزاق. وقال بيرك في حزن أن الحرب "قد أصبحت بديلاً للتجارة حقاً … والطلبات الضخمة على الإمدادات والبضائع من كل نوع … ترفع معنوية عالم التجارة، وتغري التجار بألا يروا في الحرب الأمريكية نكبتهم بقدر ما هي موارد ثرائهم"(١٠٦).
وخشي الأحرار أن تقوي الحرب المحافظين على حزبهم، والملك على البرلمان، وفكر أحد الأحرار وهو دوق رتشموند في الرحيل إلى فرنسا قرارا من الاستبداد الملكي (١٠٧) وكان في مسلك جورج الثالث ما يبرر مثل هذه المخاوف بعض التبرير. فقد اضطلع بمهمة الحرب كاملة، حتى بتفاصيلها الحربية، وأطاع اللورد نورث والوزراء الآخرون قيادة الملك وإن ناقض هذا رأيهم الخاص في حالات كثيرة، وأحس الملك أنه لو نجح الأمريكيون لواجهت لإنجلترا الثورة في مستعمرات أخرى، ولانحصرت آخر الأمر في جزيرتها، على أن اللورد شاتام حذر البرلمان من أن قمع أمريكا سيكون انتصاراً لمبادئ تشارلز الأول وجيمس الثاني. وفي ٢٠ نوفمبر ١٧٧٧، بعد أن عانت الجيوش البريطانية هزائم كثيرة في امريكا، وكانت فرنسا تعين المستعمرات بالمال، استمع شاتام وهو القادم إلى مجلس اللوردات كأنما من القبر إلى "خطاب العرش" الوزاري بضيق متعاظم، وقام ليلقي خطاباً يعد من أروع ما سجلته البلاغة البريطانية من خطب، ففيه اجتمع التاريخ والأدب. قال:
"إنني يا سادتي اللوردات أقف لأعرب عن مشاعري عن هذا الموضوع البالغ الجد والحظر .. فلست أستطيع الموافقة على خطاب أعمى ذليل يوافق ويحاول أن يكرس الإجراءات الرهيبة التي هالت فوقنا العار والخطوب-والتي جلبت الخراب إلى أبوابنا .. هذه أيها السادة لحظة خطرة هائلة!