الإمبراطور تحذيراً بطريق تاليران، ولعل فوكس كان واجداً سبيلا التوفيق بين طمع بونابرت وأمن إنجلترا لولا انهيار صحته. ولكن في يوليو ١٨٠٦ أعجزه داء الاستسقاء، وأخفقت سلسلة من الجراحات المؤلمة في وقف سير المرض، فتصالح مع الكنيسة الرسمية، وفي ١٣ سبتمبر مات مبكياً عليه من أصدقائه وأعدائه، وحتى من الملك. لقد كان أوفر رجال جيله حظاً من المحبين.
وسبقه إلى أقباء كنيسة وستمنستر بت الابن الذي شاخ قبل أوانه. فقد وجد هو أيضاً أنه لن يستطيع احتمال خطو الحياة السياسية السريع إلا بنشوة السكر تنسيه همومه من حين إلى حين. وكانت سلامة عقل جورج الثالث القلقة مشكلة دائمة، فكل صراع خطير في وجهات النظر بين الملك ووزيره قد يخل باتزان الرأس المتوج بأمير ويلز وصياً، يطرد بت ويستدعي فوكس ليحل محله. وعليه فقد تحلى بت عن خططه في الإصلاح السياسي، وسحب معارضته لتجارة الرقيق، حين وجد أن في هاتين المسألتين، كما في كثير غيرهما من المسائل، كان جورج مصمماً بروح المشاكسة على تخليد الماضي. وركز بت عبقريته على التشريع الاقتصادي، الذي خدم فيه الطبقة الوسطى الصاعدة. ثم قاد إنجلترا على كره شديد-في حرب ضد من سماهم "أمة من الملحدين"(١٥٩) ولم يحسن البلاء وزيراً للحرب. فحين خشي أن يغزو الفرنسيون أيرلندة، حاول تهدئة الإيرلنديين ببرنامج من الوحدة البرلمانية والتحرير الكاثوليكي، ولكن الملك تصلب، واستقال بت (١٨٠١). ثم عاد (١٨٠٤) ليرأس ووزارته ثلنية. ولم يكن كفوءاً لمقارعة نابليون، فلما جاء نبأ نصر الفرنسيين في أوسترلتز (٢ ديسمبر ١٨٠٥) ذلك النصر الذي جعل نابليون سيد القارة، انهار بت جسداً وروحاً. وحين وقع بصره على خريطة لأوربا قال لصديق له "اطو هذه الخريطة، فلن يكون هناك حاجة إليها هذه السنين العشر"(١٦٠). ومات في ٢٣ يناير ١٨٠٦، فقيراً فقراً مشرفاً، غير متجاوز السادسة والأربعين.
ثم اقتضت الحياة وقتاً أطول لتقضي على شريدان. وكان قد انضم إلى بيرك وفوكس في الدفاع عن أمريكا وفي خوض معركة هيستنجز، وأيد فوكس في التصفيق للثورة الفرنسية. غير أن الزوجة التي كان سحرها ودماثة